برغم ضعفها كأنثى وهول المنظر ومآسي الحرب لم تهن أو تضعف بل بالعكس استطاعت ان تتفقد النساء والاطفال وتعيد روعة النفس لمن هزه المنظر وكارثة الفعل، أثبتت في مواجهتها للآلام والأحداث العنيفة التي صدمتها في باكر حياتها وكانت هي الختم لسنوات عمرها، أبدت تجلّداً وصبراً قياسيّاً.
لم تكن مسيرة الحسين غير ثورة في الروح لم ترضَ بسيادة الغيِّ، والجهل، والغباء، ـ بالأمس كان أخوه الحسن قُدوة بيضاء، وها هو اليوم ـ الحسين ـ يقوم بقُدوة حمراء، وكلا القُدوتين مُشتَّق مِن مصدر واحد هو المصدر الأكبر، مِن أجل بناء المُجتمع بناء تتعزَّز في تطويره.
من الموارد التي ألقت هذه الفاجعة الأليمة بظلالها عليه بوضوح هو الشعر والشعراء، ويمكن القول: إن الشعر والشعراء من بعد فاجعة عاشوراء شهدا انعطافة كبيرة لا نظير لها في تأريخ البشرية. وكأنّ هذه الفاجعة نزلت على قرائح الشعراء وأروتها من معين حزنها وحماستها وثقافتها الأصيلة فجعلتهم ينظمون البدائع.
الأمم الراسخة تسعى لتثبيت أركان التميز والثبات لها بين أمم الأرض، ويندر أن تجد أمة تسيء لنفسها، من خلال الإساءة لرموزها المقدسة وتاريخها الناصع، كما حدث مع فاجعة البقيع الغرقد، حين أقدمت زمرة باغية من الزمر التكفيرية ذات العقول المتحجرة على هدم قبور ضمت أشرف خلق الله طرّأً.