comparemela.com


الآن باتت المفاوضات محط أنظار الدنيا لأنها لا تعبر فقط عما يجرى بين الطرفين من شد وجذب، وإنما عن مدى حكمة وقدرة الرئيس الجديد بايدن ليس فقط على أن يعكس التحركات الكبرى التى ذهب إليها سلفه بإلغائها، وإنما أكثر من ذلك أن تكون مفتاحًا لقدرة الولايات المتحدة على قيادة العالم كما ذهب الرئيس الأمريكى أكثر من مرة أثناء الحملة الانتخابية. ولكن الاتفاق النووى ليس وحده محط النظر فى الرئيس الإيرانى المنتخب، وما إذا كان ذلك دلالة على التشدد أو المرونة كما ذهب الأمر مع سلفه الرئيس حسن روحانى. فمع انتخاب رئيس جديد، وبما يجرى فى العملية الانتخابية من حماس، فإن التساؤل يكون مشروعًا حول تأثير ذلك على الأحوال الاقتصادية والاجتماعية فى البلاد، والمدى الذى سوف يؤثر فيه بالنسبة للحراك الإيرانى الأخضر الممتد لسنوات الآن دون تقدم يُذكر.
الأهم من ذلك هل يدرك الرئيس الجديد الحقيقة المُرة الحاكمة للمصير الإيرانى، وهى أن إيران امتدت كثيرًا بأكبر مما تسمح به القدرات الإيرانية أو مدى وحدة الصف الإيرانى؟ إيران قد يكون بمقدورها إنتاج السلاح النووى، وربما تعطيل الحياة فى دول أخرى مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، ولكنها فى الحقيقة لا تستطيع بعث الحياة داخلها لدى أمة لديها الكثير من الحضارة، ولكنها محكومة بجهاز حكم شمولى فى دولة ثيوقراطية.
المشكلة فى ذلك كله أن رئيس الجمهورية الإيرانى ليس لديه كثير من السلطات، فهو محكوم من قِبَل أجهزة ومؤسسات أمنية واسعة النطاق والتأثير والقدرة الاقتصادية، وهو محكوم أكثر من القيادة الروحية والسلطة السياسية للمرشد الأعلى على خامنئى، الذى تضخمت قدراته وسلطاته خلال سنوات حكمه حتى بات نفوذه وسلطاته تفوق تلك المتصوَّرة لأئمة الشيعة المعصومين. والأصل فى الموضوع هو أن النظام السياسى الإيرانى قام على سلطة عليا ثيوقراطية كانت موضوعة فى يد قيادة تاريخية، وزعامة كاريزمية، ممثلة فى آية الله روح الله خمينى.
وكان وجود رئيس الجمهورية صورة موجهة لعلاقات إيران الخارجية وتمثيلها فى المحافل الدولية، مع إدارة بعض الأمور التنفيذية فى الدولة والبيروقراطية الإيرانية بعيدًا عن الأجهزة الأمنية، والحرس الثورى الإيرانى، والمؤسسات الاقتصادية التابعة للإمام الأعظم. الرئيس الأول أبوالحسن بنى صدر (١٩٨٠- ١٩٨١)، الذى دخل إلى السلطة بتصورات ليبرالية معتدلة، أُجبر على الهرب، وكانت فضيحة من رجل شارك فى الثورة، أما الرئيس الثانى محمد على رجواى (١٩٨١- ١٩٨١) فجرى اغتياله، وكان الرئيس الثالث هو على خامنئى (١٩٨١- ١٩٨٩)، وهو شخصيًا الذى بات المرشد العام الآن.
ومَن جاءوا بعده تأرجحوا على سلم الاعتدال والمحافظة، والبراجماتية والتشدد، ومن ثَمَّ كانت توجهاتهم مصدرًا لاستشراف توجهات نظام شمولى له أصول فاشية مع واجهات متعددة تُستخدم حسب الزمان واتجاهات الريح. هاشمى رافسنجانى (١٩٨٩- ١٩٩٧) كان الرجل الذى اهتم بالاقتصاد، ومحمد خاتمى (١٩٩٧- ٢٠٠٥) كان الرئيس الذى اهتم بالاعتدال وعبر عنه بحوار الحضارات، ومحمود أحمدى نجاد (٢٠٠٦- ٢٠١٣) أصبح الأكثر محافظة، والأخير حسن روحانى (٢٠١٣- ٢٠٢١) كان المعتدل. ما يجعل إبراهيم رئيسى متميزًا عن سابقيه أن لديه القدرة والتاريخ الشمولى فى القضاء الإيرانى، ما يجعله مرشحًا لكى يأخذ ذات المسيرة التى سار فيها على خامنئى من قبله، أى يتولى رئاسة الجمهورية الآن، وبعد ذلك يحل محل المرشد العام نظرًا لكبر سنه وتدهور حالته الصحية.
ولكن اختيار إبراهيم رئيسى كان له سبب آخر يشكل رسالة قوية للمفاوضات النووية الجارية، فالرجل مُصنَّف فى جانب الصقور فى السياسة الإيرانية، وله فى مجال النيابة والقضاء سجل حافل بالقسوة والشدة والتطرف. وبمجرد نجاحه فى الانتخابات، التى جرى إخلاء الطريق إليها من خلال عمليات إزاحة لمرشحين مرموقين آخرين، فإنه بدأ فى الإدلاء بتصريحات تقلل من شأن المفاوضات ومدى ما تحقق فيها من نجاح. ووفقًا لبعض المراقبين، فإن «رئيسى» فى الحقيقة يفضل عدم التوصل إلى اتفاق نووى سريع حتى لا يحصل الرئيس الحالى حسن روحانى على الفضل.
وعلى أى الأحوال، وأيًا كانت الألاعيب الإيرانية الخاصة بنظامها السياسى، فإن الحكم عليها سوف يتشكل دائمًا وفق سلوك إيران الإقليمى والدولى. وسواء قاطع أكثر من نصف الناخبين، البالغ عددهم ٥٩ مليونًا، العملية الانتخابية أو لا فإن فوز «رئيسى» يمثل المرة الأولى التى تنتخب فيها إيران زعيمًا يخضع لعقوبات من قِبَل الولايات المتحدة. وصفت وزارة الخزانة الأمريكية وحشية «رئيسى» فى عام ٢٠١٩، مستشهدة بتقرير للأمم المتحدة خلص إلى أن القضاء الإيرانى وافق على إعدام تسعة أطفال على الأقل فى عامى ٢٠١٨ و٢٠١٩. وقالت وزارة الخزانة إن لجنة الموت «أمرت بإعدام آلاف السجناء السياسيين خارج نطاق القضاء فى عام ١٩٨٨». وسواء كان الأمر مشاهدًا فى دول الخليج العربية أو إسرائيل، فإن النظر لإيران و«رئيسى» سوف يظل سلبيًا.
ما يهم هنا عدد من الأمور التى تجعل إيران دولة منذرة ومهددة، فهى تتدخل بقوة فى أربع دول عربية عسكريًا وتمويليًا وسياسيًا بالطبع، وفيها جميعًا تخلق نمطًا من الولاء المطلق من قِبَل جماعات شيعية تحاول السيطرة والهيمنة على النظام السياسى من خلال الانتخابات العامة التى تحيطها بالقليل من الإغراءات والكثير من التهديد. قوات الحشد الشعبى فى العراق، وحزب الله فى لبنان وسوريا، والحوثيون فى اليمن، أمثلة تحاول إيران دائمًا تكرارها فى المحيط الإقليمى. الأمر الآخر الذى تستخدمه إيران لمحاولة بسط نفوذها هو تطوير الصواريخ ومؤخرًا الطائرات المُسيَّرة أو «الدرونز»، وكلاهما استُخدم بكثافة فى ضرب السعودية والإمارات.
وفى حرب غزة الأخيرة استُخدم النوع نفسه من الصواريخ بكثافة ليست معهودة من قِبَل تنظيم حماس الفلسطينى. وبعد أن يتم الانسحاب الأمريكى من أفغانستان فإن هذه الأخيرة سوف تكون محط أنظار إيران أيضًا، أليست فيها أقلية شيعية؟!، كما أن بها جذورًا سرية للثورة، وفوق ذلك منظمة متمرسة فى شؤون التكفير والمجد الإسلامى الذى لا يصير كذلك بدون الجهاد والاستشهاد. هى لحظة مثالية للحالة الإيرانية التى عرفها ويعرفها إبراهيم رئيسى قبل أن يصل إلى السلطة، وها هو يصل إليها مُكلَّلًا بدماء شهداء أشرف بنفسه على إعدامهم أو هكذا ترددت الحكايات عن رئيس جديد.

Related Keywords

Iran ,Afghanistan ,Iraq ,United States ,Egypt ,Israel ,Lebanon ,Tehran ,Gaza ,Israel General ,Yemen ,Saudi Arabia ,Syria ,Iranian ,Egyptian ,Donald Trump ,Hassan Rohani ,Mohammed Khatami ,Hamas Palestinian ,I Abolhassan Brown ,Mahmoud Ahmadi Ahmadinejad ,Ministry Treasury ,Ministry Treasurya Committee ,Emirates ,Ibrahim Main ,News Sentry ,Iranian New ,President Donald Trump ,President New Biden ,President Iranian ,President Hassan Rohani ,Iranian Green ,President New ,Iran May ,Republic Iranian ,Imams Shiites ,Political Iranian ,Guard Revolutionary Iranian ,Presidenti Abolhassan Brown ,President Current Hassan Rohani ,Iran Regional ,Nations United ,States Gulf Arabic Or Israel ,Iran State ,States Arab ,Ocean Regional ,Martyrs Ashraf ,இரண் ,இராக் ,ஒன்றுபட்டது மாநிலங்களில் ,எகிப்து ,இஸ்ரேல் ,லெபனான் ,தெஹ்ரான் ,காஸ ,யேமன் ,சவுதி அரேபியா ,சிரியா ,இராநியந் ,எகிப்தியன் ,டொனால்ட் துருப்பு ,ஹாசன் ரோஹானி ,முகமது கேடாமி ,அமைச்சகம் கருவூலம் ,அமீரகங்கள் ,இராநியந் புதியது ,ப்ரெஸிடெஂட் டொனால்ட் துருப்பு ,ப்ரெஸிடெஂட் ஹாசன் ரோஹானி ,இராநியந் பச்சை ,ப்ரெஸிடெஂட் புதியது ,இரண் இருக்கலாம் ,நாடுகள் ஒன்றுபட்டது ,இரண் நிலை ,

© 2024 Vimarsana

comparemela.com © 2020. All Rights Reserved.