الحافظ لكتاب الله وأحد أبطال وحدة البحرية القسامية
القسام - خاص :
إنهم الشهداء، صُناع التاريخ، بناة الأمم، صانعو المجد، سادة العزة، يبنون للأمة كيانها، ويخطون لها عزتها، جماجمهم صرح العزة، أجسادهم بنيان الكرامة، ودماؤهم ماء الحياة لهذا الدين وإلى يوم القيامة.
هم شهداءٌ يشهدون أنَّ المبادئ أغلى من الحياة، وأن القيم أثمن من الأرواح، وأن الشرائع التي يعيش الإنسان لتطبيقها أغلى من الأجساد، وأممٌ لا تقدم الدماء لا تستحق الحياة، ولن تعيش، لقوله تعالى: {إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
الميلاد والنشأة
وُلدَ الشهيد المجاهد عبد الله محمد إبراهيم الزرقة بمدينة غزة في حي الأبطال حي التفاح بتاريخ 18-8-1992م، وأولته أسرته المؤمنة وبيته الملتزم اهتمامها فأنشئوه على طاعة الله، وأرشدوه إلى طريق الخير ودفعوه إلى الالتزام بإسلامه وشرعه الحنيف ودينه القويم، ليحتويه "مسجد الرحمة" الصرح الإسلامي المتميز في حي التفاح.
عاش شهيدنا عبد الله نورُ طفولته وبواكيرَ سنه هادئاً متميزاً ينأى بنفسه عن كلِّ ما يسببُ الأذى لغيره أو العناء لهم، وكان شهيدنا مرحاً مع أهله واخوانه ويحب المزاح معهم ، مما جعل والديه يتعلقان به ويحبانه حباً كبيراً ، وقد أتم شهيدنا عبد الله وهو في عمر الثالث عشر حفظ كتاب الله عز وجل.
المجتهد في دراسته
درس شهيدنا المرحلة الابتدائية والاعدادية في مدرسة دار الأرقم وكان متفوقاً ومجتهداً وخلوقاً في دراسته، وأكمل دراسته الثانوية في نفس المدرسة فكانت علاقته مع زملائه ومدرسيه علاقة قوية جداً ليحصل على معدل جيد جداً في شهادة الثانوية العامة، ليلتحق بعد ذلك في صفوف الدراسة بكلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية بغزة.
شارك شهيدنا إخوانه في الكتلة الإسلامية ومجلس الطلاب في أنشطتهم ليكون عضواً فاعلا فيه، حيث حرص شهيدنا على مسيرته العلمية بالرغم من الضغوطات التي كانت أمامه وهو ملتحق في صفوف كتائب القسام، إلا أنه حصد درجات عالية في الجامعة وتفوق بدراسته.
علاقة الشهيد مع أهله
كان عبد الله نِعمَ الابن البار والولد المطيع، فكان كثير البر بوالديه، كثير العطف عليهما، مما جعل والديه يحبان قربه بجوارهما ولا يحبان فراقه ويرغبان دائماً في بقائه بصحبتهما يدخل عليهما الفرح ويرسم على وجوههما البسمة.
كذلك كان عبد الله مع أقاربه وأرحامه جميعاً فكان يصلهم دائماً ولا يقطع أحداً منهم، ويشهد الجميع له بأدبه الجم وأخلاقه الدمثة وقلبه الطيب، وما كانت هذه الصفات تغيب عن عبد الله وهو بين إخوانه في المسجد، فلقد أحب الجميع واحترم الجميع ويسمع ويطيع، حتى أصبح شهيدنا عبد الله الأخ والصديق والحبيب لأغلبية من يرتاد "مسجد الرحمة ".
بالتزام عبد الله في المسجد حَظِي بحب إخوانه، ولنشاطه وعمله الدؤوب انضم عبد الله إلى صفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس عام 2006م، وبايع جماعة الاخوان المسلمين عام 2010م، وشارك في المسيرات والمهرجانات التي كانت تدعو لها الحركة حيث عمل شهيدنا في جهاز العمل الجماهيري بمسجد الرحمة، وذلك لتميز شهيدنا بجمال خطه فعرف بأنه "خطاط المسجد"، كما عمل شهيدنا كمحفظ في مركز تعليم القرآن الكريم بمسجده.
في صفوف القسام
تاقت نفس عبد الله إلى الجهاد، وشغف قلبه بالعمل الجهادي، فكان يعرف أنَّ الجهاد في سبيل الله ركنٌ عظيمٌ من أركان الإسلام، وهو بابٌ واسعٌ من أبواب الجنة ورضا الرحمن، فأخذ عبد الله يُلحُ على إخوانه أن يضموه إلى صفوفهم مع صغر سنه فتمت الموافقة على انضمامه لكتائب الشهيد عز الدين القسام عام 2011م فكان جنديا مطيعاً متشوقاً لقتال أعداء الله.
شارك إخوانه في الرباط على الثغور وحفر الأنفاق ومهمات الرصد ليتلقى الدورات المبتدئة فيكون جنديا شجاعا عنيداً ليرشحه إخوانه للدورات المتقدمة وقد تخصص شهيدنا في تخصص الهندسة العسكرية، كما أصبح جنديا في وحدة البحرية التابعة لكتائب القسام ومن ثم مدرباً على مستوى لواء غزة.
تميز شهيدنا بالشجاعة والمبادرة والحرص على العمل بالسر والكتمان والإعداد الإيماني والجسدي فكان شهيدنا يصوم النوافل تقربا إلى الله ويقوم الليل ليعد العدة للقاء أعداء الله.
موعد مع الشهادة
مع تغول العدو الصهيوني ضد أبناء شعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة من قتل وحصار خانق واغتيال لأبناء شعبنا وقصف لبيوت الآمنين فكان لمقاومة شعبنا وخصوصا كتائب القسام أن تكون بالمرصاد وتلجم العدو فكانت صواريخها تدك تل أبيب والمدن المحتلة عام 1948م، وانطلقت معركة العصف المأكول التي واجه العدو فيها مقاومة شرسة ألحقت به الخسائر والقتلى في صفوفه وأبرزها عمليات كمائن الموت شرق حي التفاح.
ودع شهيدنا عبد الله والدته، وطلب منها توزيع الحلوى عند استشهاده وأن تكون راضية عنه ومن ثم خرج إلى نقطة رباطه في إحدى العقد القتالية المتقدمة شرق حي التفاح وفي يوم 27-7-2014م، قامت طائرة حربية صهيونية بقصف النفق الذي تواجد به شهيدنا عبد الله فانهار النفق عليه ما أدى الى استشهاده وارتقت روحه الطاهرة إلى بارئها، وكانت مشيئة الله وقدره أنه لم يتم انتشال جثمان الشهيد عبد الله وبقي مكان استشهاده هو قبره الذي دفن فيه فرحم الله شهيدنا عبد الله وأسكنه فسيح جناته.