comparemela.com


أحمد الجمَّال
يبعث على التفاؤل أن العالم تجاوز أزمات صعبة مر بها تاريخياً فى ظل انتشار أمراض لم يكن لها علاج وقت ظهورها، مثل إنفلونزا "ماو" المعروفة أيضاً بـ"إنفلونزا هونج كونج"، التى اجتاحت العالم بين عامى 1968 و1969، وسلبت أرواح نحو مليون شخص.. والتاريخ يعيد نفسه، فقد ظهر فيروس كورونا فى ديسمبر 2019 بعد نصف قرن من انطلاق "ماو"، ولا تزال جهود العلماء مستمرة للقضاء على "كوفيد-19" تماماً.
قصة "ماو" الذى كان بمثابة "بعبع" مخيفا للبشرية، حين خرج من الصين فى خريف 1968، نتعرف عليها فى سياق تقرير لـ"آخرساعة" عام 1969، نعيد نشر تفاصيله بتصرفٍ محدود، فى السطور التالية:
إنفلونزا "ماو" أو إنفلونزا هونج كونج، ليست نوعاً جديداً من أنواع الإنفلونزا، لكنها من نفس الأنواع التى ظهرت فى عدة مناطق من العالم خلال الأعوام العشرة الماضية، وحينما تداهم شخصاً سليماً فسيعافى منها فى غضون يومين إلى أربعة أيام فقط، وفى حالات نادرة تتحوَّل هذه الإنفلونزا إلى خطر يهدّد حياة مَنْ يتعرض لها، وهؤلاء الأشخاص لحسن الحظ من السهل على أى طبيب أن يشرف على علاجهم، ويجتاز بهم مرحلة الخطر.
ونظراً لأن الإنفلونزا هاجمت أمريكا بشكل وبائى فجأة، كان لذلك أثر واضح فى زيادة عدد وفيات المصابين بالمرض هناك بصورة مقلقة. والإنفلونزا الجديدة لها مصل واقٍ توصلت إليه الدكتورة "د.ك. شانج" فى هونج كونج، حيث ظهرت الإنفلونزا المتفشية الآن فى أمريكا ودول أوروبا لأول مرة.
وقد بعثت الدكتورة شانج بعينة من المصل الجديد إلى الدكتور هيليو بيريزا رئيس المركز الدولى للإنفلونزا فى لندن، وبدوره قام الأخير بإرسال عينات منه إلى الدول التى تعرضت لموجة إنفلونزا هونج كونج، كما بعث الدكتور هيليو بيريزا بعينات عاجلة من هذا المصل إلى كبريات شركات إنتاج الأدوية فى العالم.
عقبات أمام المصل
وحتى شهر أكتوبر من العام الماضى (1968) كانت معامل جلاكسو البريطانية قد أنتجت حوالى 60 ألف مصل. ولكن كانت هناك عقبات رئيسية تعوق إنتاج الكميات الضخمة الهائلة التى يتطلبها انتشار الإنفلونزا الجديدة بشكل وبائى فى عدد من دول العالم.
> العقبة الأولى: هى أن مصل الإنفلونزا الجديدة المسمى HK لا يمكن إنتاجه بكميات كبيرة دفعة واحدة، لأن هذا المصل بالذات له طبيعة خاصة تميزه عن بقية الأمصال الأخرى الخاصة بالإنفلونزا وتجعله أكثر تعقيداً.
>  العقبة الثانية: أن الفيروس الجديد الخاص بإنفلونزا "ماو" أو إنفلونزا هونج كونج، تتم تربيته للأمصال فى بيض الدجاج، وبشرط أن يكون هذا البيض ملقّحاً. أما إذا كان بيض الدجاج غير ملقّح فإن الفيروس لا يعيش، بالتالى لا يمكن صنع المصل المطلوب.
> الفيروسات التى تتم تربيتها فى البيضة الواحدة فى المعامل تكفى لصنع أمصال تقى ثلاثة أو أربعة أفراد فقط.
> عمليات إنتاج المصل الجديد صعبة ومعقدة حتى أن إحدى شركات الأدوية البريطانية العالمية المعروفة وهى شركة Beechams أعلنت فى شجاعة وجرأة عجزها عن إنتاج المصل الجديد فى معاملها، وأن المصل الجديد الذى أنتجته لإنفلونزا "ماو" غير صالح للاستخدام ولا يحقق المناعة.
> تبين أن استخدام الفيروس الذى تتم تربيته فى البيض الملقح يؤدى إلى أعراض جانبية مثل ارتفاع درجة حرارة الجسم واحتقان الزور بعد أخذ المصل، ولذا قرّر الأطباء استخدام المصل بكميات أقل، أو استخدام فيروسات أقل نشاطاً تفادياً لهذه الأعراض الجانبية.
> درجة الوقاية التى يحققها المصل الجديد لا تزيد على 60%، وهذا يتطلب بطبيعة الحال دقة عالية حتى لا تقل هذه النسبة، الأمر الذى يفرض قيوداً أخرى على عمليات إنتاج المصل.
لا خطر  علينا
ولكن هل هناك خطورة علينا هنا فى القاهرة من هذه الإنفلونزا؟ ليس هناك فى الحقيقة أى خطر، إذ إن الاحتياطات اتُخِذَت لمنع انتشار هذه الانفلونزا كوباء فى مصر، كما أن إنتاج المصل الواقى من هذا النوع من الإنفلونزا من السهل إنتاجه وبالكميات المطلوبة فى معامل القاهرة.
بل إن صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية، أشارت فى تحقيق لها عن هذه الإنفلونزا إلى أن الأمصال الخاصة بها يتم تصديرها من معامل الدول العربية إلى دول أوروبا، ومن بينها ألمانيا الغربية وفرنسا ودول أخرى.. ويرى الأطباء أن الإنفلونزا الجديدة ليست خطراً على من هم فى حالة طبيعية، بينما قد تشكل خطراً على كبار السن عموماً والمصابين فعلاً بأمراض معينة.
خطأ  فى بريطانيا
وقد وصلت إنفلونزا "ماو" إلى بريطانيا فى صورة وباء فعلاً، بالتالى أدت إلى تأثير واضح فى الحياة الاقتصادية هناك. ولكن الخطأ الذى وقعت فيه وزارة الصحة البريطانية والذى ذكره كريستيان دوبل وروبرت شيرى المحرران العلميان فى "الأوبزرفر" البريطانية كان السبب فى حالة الذعر التى انتابت المرضى وأدت إلى فداحة خطر الإنفلونزا الآسيوية.
قال المحرران إن وزارة الصحة أعلنت توافر كميات كبيرة من مصل إنفلونزا هونج كونج، واتجه الناس بأعداد غفيرة إلى صيدليات بريطانيا، ولكن الصيادلة قالوا لهم إن المصل ما زال فى طور الإنتاج ولم يُطرح للبيع!
وتصوَّر المرضى أو من يريدون وقاية أنفسهم من هذه الإنفلونزا أن المصل موجود.. بينما الصحة استولت عليه لتطعيم موظفيها ورجال القوات المسلحة.. قبل أن يكون هذا المصل فى متناول المشترى العادي.
وحتى القلائل الذين عرفوا الحقيقة، هاجموا وزارة الصحة لتقصيرها فى طرح الكميات الكافية من اللقاح بينما المرض منتشر وخطورة عدواه معروفة وواضحة.. وهكذا تعرضت وزارة الصحة البريطانية لهجوم من كل الأطراف بينما كانت بريطانيا من أوائل الدول التى صنعت هذا اللقاح!
ذروة الوباء
وقد غزت الإنفلونزا الجديدة أمريكا.. واكتشف الناس فى الولايات المتحدة انتشارها كوباء قبل أن يعلن هذه الأنباء المركز الحكومى الصحى فى مدينة أطلانطا.. وقد بدأت الإنفلونزا فى 200 مدينة أمريكية، ثم وصلت إلى 700 مدينة خلال خمسة عشر يوماً فقط، وأدت إلى إغلاق عدد كبير من المدارس.. وتقول التقارير إن ذروة الوباء سيتم الوصول إليها فى منتصف يناير الحالى (1969)، وقد تم إنتاج خمسة ملايين مصل حتى الآن، كما تم استيراد 12 ألف مصل من دول أخرى.
 

Related Keywords

China ,Germany ,Cairo ,Al Qahirah ,Egypt ,Wizarat As Sihhah ,United States ,United Kingdom ,France ,London ,City Of ,America ,West Germany ,British ,Aa States Europe ,Robert Sherry ,Christian Doble ,Center International ,Glaxo British May ,New Special ,Defensive Hereof ,States Arabic ,States Europe ,Sihhah British ,சீனா ,ஜெர்மனி ,கெய்ரோ ,எகிப்து ,ஒன்றுபட்டது மாநிலங்களில் ,ஒன்றுபட்டது கிஂக்டம் ,பிரான்ஸ் ,லண்டன் ,நகரம் ஆஃப் ,அமெரிக்கா ,மேற்கு ஜெர்மனி ,பிரிட்டிஷ் ,ராபர்ட் ஷெர்ரி ,மையம் சர்வதேச ,புதியது சிறப்பு ,மாநிலங்களில் யூரோப் ,

© 2024 Vimarsana

comparemela.com © 2020. All Rights Reserved.