"ستبقى ريشتي حية عصية على الاغتيال"
غزة (فلسطين) / خاص - خدمة قدس برس
|
الأحد 11 يوليو 2021 - 06:32 ص
كان لافتا كاركاتير، للرسامة الفلسطينية الشهيرة، أمية جحا، يحمل في طياته رسالة ألم وعتب، مع استمرار السلطة الفلسطينية قطع راتبها للعام الثاني على التوالي.
الكاريكاتير الذي يظهر صورة الفنانة "جحا"، بيدها مفتاح العودة واليد الأخرى ريشتها، متكئة على إنجازاتها، وصورة أخرى لمُسنة فلسطينية متضامنة معها وتقول في نفسها "يعني يا ضنايا لا طلتي بلح رام الله ولا عنب غزة !!" كناية عندما يتأمل الانسان بأمرين ويريد أن يختار أحدهما، ثم بالنهاية يخسر الأمران.
أمية جحا، فنانة ورسامة كاريكاتير فلسطينية، من مواليد غزة 1972، قد حصلت على جائزة الصحافة العربية لعام 2001، وهي أول رسامة في العالم العربي تعمل في صحف سياسية يومية ومواقع إخبارية، وكان لها آلاف المتابعين على مواقع التواصل قبل إغلاق صفحاتها أكثر من مرة.
تقول جحا في حديثها لـ"قدس برس"، إن سبب رسمها للكاريكاتير، يأتي تعبيرا عن ضيقها من استمرار السلطة الفلسطينية قطع راتبها لما يزيد عن 24 شهرا، حيث كانت تعمل في جريدة "الحياة الجديدة" الرسمية منذ العام 2002، والتي قطعت راتبها دون إيضاح الأسباب.
وتضيف: "كنت أعتقد أن فاتورة الدم والدمع التي دفعتها من عمري، كزوجة لشهيدين، وأم لطفلة يتيمة، فضلا عن ريشتي التي بقيت تغرد بخطوطها وألوانها لفلسطين، ستشكل لي حصانة وطنية شرفية، تتجاوز منشار الإنقسام البغيض، وكل أشكال الحزبية المقيتة".
وتابعت حديثها: "منذ بداية الانقسام 2007، بدأ التغييب التدريجي لرسوماتي من النشر عبر صفحات جريدة الحياة الجديدة، التي بقيت احترم هامش الحرية في التعبير، الذي أتاحته لي طوال عملي اليومي فيها، وما زاد الطين بلة، منع حكومة غزة لتداول صحف السلطة في القطاع، ردا على منع حكومة رام الله لصحف القطاع من النشر في الضفة الغربية، فتمً التغييب التام، ما شكل شبه اغتيال معنوي لاستمرارية الحضور الإعلامي، وأصبحت للأسف ضحية هذا الانقسام من كلا الطرفين".
واستعرضت "جحا" والحاصلة على العديد من الجوائز الدولية والمحلية في مجالها، الخطوات التي قامت بها منذ قطع راتبها والاتصالات مع المسؤولين في رام الله وغزة وإدارة الصحيفة ونقابة الصحفيين والشخصيات الاعتبارية ومؤسسات حقوقي الإنسان دون أن تجد أي حل لإعادة راتبها.
وكشفت جحا أنها لا زالت تحتفظ بالمراسلات بينها وبين إدارة جريدة "الحياة الجديدة" التي كانت موظفة فيها، ومدى هامش الحرية المسموح لها في رسوماتها من انتقادها للسلطة وأدائها وكذلك رسائل الدعم التي كانت تصلها من الكثير من الشخصيات والمسئولين بعد كل لوحة ترسمها، ومطالبتها بمواصلة عملها بنفس السياسية التحريرية.
وقالت: "اليوم.. وبعد عامين من صدمة قطع الراتب، ومرارة القهر والشعور بالظلم والغبن، والذي يشعر به آلاف من أبناء شعبي، الذين حوربوا في لقمة عيشهم، وحرموا من أدنى مقومات الصمود المعيشي، أقول إن كان قطع راتبي بسبب انتماء الشهداء من أزواجي، فإنني لا ولن أنفي إي صلة بهما، بل أتشرف بطهر التراب الذي تغبرت به أقدامهما".
وأضافت: "هذا السبب لا يعطي البتة الحق في قطع الراتب، بل يحث على مزيد من التكريم، لا البتر والتقليم لزوجة الشهيد التي صبرت وضحت، وتحملت صعاب الحياة دون زوجها، لتكون ولتبقى أنموذجا مشرفا ومشرقا للمرأة الفلسطينية (..) وحسبي أن مسيرتي الفنية، ليست موثقة في المنهاج الفلسطيني فحسب، بل في مناهج عربية مدرسية أيضا".
وشددت بالقول: "ستبقى ريشتي حية، عصية على الاغتيال، مرفوعة الهامة بشعبي، وبثقة ودعم شعبي، ستبقى تمثل الأحرار والأنقياء، وتغزل خيوط شمس الحرية لأسرانا البواسل، وتكفكف دموع الثكالى، والأرامل والأيتام، وتتحول إلى مجداف لسفينة عودة اللاجئين من الشتات إلى الوطن".
وأضافت: "الراتب لا ولن يشتري كرامة، ولا وطنا، ولا حتى أنفاس حياة، لكن الكرامة التي لا تقدر بمال هي التي تصنع الرجال، وتجعل النساء في مصاف الرجال قولا وفعلا ورسما".
وتحظى الفنانة آمية جحا، بتفاعل فلسطيني وعربي كبير مع رسوماتها، التي تعّبر عن الحق والهم الفلسطيني، الأمر الذي عرضها لهجمات صهيونية، على مواقع التواصل الاجتماعي، نظرا لرسوماتها المؤثرة والمعبرة عن القضية الفلسطينية، قابلها حراك تضامني فلسطيني من كافة الأطياف والتوجهات.