جولة "حماس" الخارجية.. التوقيت والدلالات
إسطنبول (بثينة اشتيوي)- قدس برس
|
السبت 10 يوليو 2021 - 06:57 ص
زادت المواجهة العسكرية الأخيرة، من رصيد حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، سياسيا، خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، بعد أن أظهر جناحها العسكري "كتائب القسام" قدرات غير مسبوقة في جولة الصراع الأخيرة مع الاحتلال، وضرب عمق "تل أبيب"، ما شكل لها حاضنة شعبية عربيا وإقليميا.
ويحاول قادة "حماس" اليوم، جني محاصيل معركة "سيف القدس"، عبر الجولات السياسية والدبلوماسية، وإحداث اختراقات جديدة في عدد من الملفات الفلسطينية العالقة، إلى جانب كسب التضامن الإنساني والسياسي معها، وتعزيز صمود ودعم المقاومة.
ولقي وفد "حماس"، ترحيبا رسميا وشعبيا من الدول التي زارها (المغرب وموريتانيا ولبنان)، ضمن جولته التي بدأت منتصف يونيو/ حزيران الماضي، ويتوقع أن يزور أخرى خلال أيام.
وأجرى وفد "حماس" لقاءات مع نخب سياسية ومجتمعية، وهو ما طرح جملة من التساؤلات حول انعاكسات انفتاح الحركة عليها، وعلى علاقتها مع الدول، سيما الدول التي طبعت علاقاتها مع "إسرائيل"، إلى جانب المكاسب التي ستحققها للقضية.
فاعل ومؤثر
المحلل السياسي والمختص في الشؤون الدولية، عبد الله العقرباوي، لفت إلى أن أبرز تداعيات معركة "سيف القدس" على المستويين السياسي والاستراتيجي، "يتمثل في تعزيز قيمة حماس لدى محور المقاومة، ودول أخرى خارجه، حيث أثبتت الحركة لدى بعض من الأطراف الإقليمية والدولية، أنها فاعل يمكن أن يؤثر في المعادلة الإقليمية".
وأشار "العقرباوي" إلى أن الصورة الهزيلة والضعيفة غير المسبوقة التي ظهرت فيها "إسرائيل"، "أعطت رسائل مفادها، بأنها غير قادرة على قيادة المنطقة، وعقد تحالفات استراتيجية مع بعض الدول العربية من خلال إنشاء بيئة سياسية وأمنية، إذ اهتزت هذه الصورة النمطية بشكل كبير".
ويرى "العقرباوي"، في حديثه إلى "قدس برس"، أن اتفاقات التطبيع الأخيرة مع "إسرائيل"، والتي كان من المفترض أن تدشن لإنشاء بيئة استراتييجة أمنية جديدة في المنطقة تقودها "إسرائيل"، وتثبت تفوقها العسكري والتقني، تبخرت بالمعركة الأخيرة في غزة".
ويضيف: "ظهرت تل أبيب، عاجزة حتى عن حماية المدن والبلدات الفلسطينية المحتلة، والصمود في وجه مجموعة من صواريخ المقاومة محلية الصنع".
وذهب العقرباوي إلى أن "سيف القدس" سمحت لـ"حماس" بالتحرك في البيئة العربية والإسلامية مرة أخرى، بعد الانتصار في المعركة الأخيرة، صوب العديد من الزيارات والانفتاحات.
ويستبعد المحلل السياسي، "حدوث اختراق فيما يتعلق بتطورات الصراع في المنطقة وانعكاسه على القضية الفلسطينية، على الرغم من أن حماس استطاعت زيارة دول لم تزرها منذ عشر سنوات، وإجرائها عددا من الحوارات والاتصالات مع أخرى كان لها موقفا سلبيا سابقا".
اختراق سياسي محدود
من جهته، يرى المحلل السياسي، إبراهيم المدهون، إلى أن زيارات "حماس" الأخيرة، أسهمت في تعزيز الروح الوطنية والرواية الفلسطينية، لاسيما وأن خطاب بعض الحكومات العربية تجاه الحركة ودورها قد تغيّر، خاصة بعض الدول التي كانت على خلاف سياسي مع "حماس".
وعدّ "المدهون" في حديثه لـ"قدس برس"، أن "المواقف تجاه "حماس" ما بعد "سيف القدس" ليس كما قبلها".
ويضيف: "أضحت الحركة اليوم، عنوانا بارزا للقضية الفلسطينية، بل البوابة الحقيقية لها، وحامية لمشروع المواجهة مع المحتل"، وهي تسعى، وفقا للمدهون، إلى "استثمار الجولات الحالية لصالح القضية، وليس حزبها فقط".
وتابع: "لا شك بأن الحركة يعنيها بالدرجة الأولى، بناء علاقات مع جميع الدول والقوى، مع رفضها التام لأي مفاوضات أو علاقة مع الاحتلال إلا في إطار المقاومة".
ولفت المدهون إلى أن فتح العلاقة مع الإدارة الأمريكية الجديدة قد يكون متاحا، "خاصة بعد تغيير النظرة لها، والسماح لبعض الدول العربية بتعزيز العلاقة مع قيادة الحركة".
ويرى المدهون أن الانفتاح قد يشكل مدخلا لإعادة بعض العلاقات التي قطعتها دول مع "حماس"، لاسيما السعودية التي خاصمتها بعد عام 2013، وتطورت سياسة القطيعة بينهما بعد اعتقال عدد من كوادرها في السنوات القليلة الماضية.
ويوافق المدهون، العقرباوي، بأن الحركة لن تجعل من قضية التطبيع عقبة كبيرة أمام تواصلها مع العالم العربي، رغم تأكيدها المستمر على إدانة التطبيع.
وخلص "المدهون" إلى أن فلسفة الحركة تكمن في "إحداث اختراقات جديدة، وفتح بيئات تواصل، لأن الغاية من العمل السياسي الوصول إلى تفاهمات وصيغ واضحة، وليس مجرد لقاءات والتقاط صور، وعليه، فإن الحركة اليوم واثقة من نفسها ومن إعلان موقفها الواضح بشأن التطبيع دون معاداة أي دولة".