محمد البلعاوي
2021-07-03 00:26:00
جائزة نوبل هي مجموعة من الجوائز الدولية السنوية الممنوحة في عدة مجالات من قبل مؤسسات سويدية ونرويجية تقديراً للإنجازات الأكاديمية أو الثقافية أو العلمية على مستوى العالم. الأب الروحي للجائزة هو السويدي مخترع الديناميت، ألفريد نوبل، إذ قام نوبل بالمصادقة على الجائزة السنوية في وصيته التي وثّقها في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1895 لمن يقدم بحثا أو عملا مبدعا في أحد تلك المجالات السابقة التي تخدم الإنسانية. جائزة نوبل للسلام إحدى هذه الجوائز التي يتم منحها كل عام للذين قاموا بأفضل عمل للتآخي بين الأمم أو لمن ساهم بدور كبير في نشر بذور السلام، ولمن عملوا من أجل إلغاء أو تخفيض الجيوش وسعوا لإنهاء الصراعات المسلحة بهدف الحفاظ على السلام وتحقيقه.
صعب ذلك الرجل، يعرف ما يريد، شق طريقه وسط الصعاب، أول من بادر للحوار لإنهاء الصراع المسلح، رسم طريق الحرية بفكره الأصيل وبصيرته الثاقبة نحو التحرير بالحوار والمفاوضات، كان صقرا جارحا في الحوارات والمفاوضات ليرسم طريق الحرية بفكر متجدد أصيل. الرئيس محمود عباس له تاريخ طويل في ميادين المفاوضات الشرسة، وحقق فيها إنجازات مهمة، لقد قاد المفاوضات مع الجنرال ماتيتيا هوبيليد والتي أدت إلى الإعلان في كانون الثاني/يناير 1977 عن مبادئ السلام على أساس الحل بإقامة الدولتين بينما كان الاحتلال الإسرائيلي آنذاك لا يعترف بوجودنا على هذه الأرض، شارك في المحادثات السرية مع الاحتلال الإسرائيلي من خلال وسطاء هولنديين عام 1989 لاستثمار الانتفاضة الفلسطينية الأولى سياسيا لطرد الاحتلال، فأصبحت القضية الفلسطينية على رأس قائمة نشرات الأخبار في الصحف العربية والدولية وأروقة السياسة الدولية، كما قام بتنسيق المفاوضات أثناء مؤتمر مدريد الذي عقد عام 1991 خائضا حوارات ومفاوضات عميقة مع الاحتلال الإسرائيلي حقق فيها مكاسب كبيرة، كما أشرف على المفاوضات في النرويج التي أدت إلى اتفاق أوسلو عام 1993، وما تبعها من اتفاق غزة - أريحا نتج عنها تكوين السلطة الوطنية الفلسطينية كمقدمة للدولة الفلسطينية، حاملا على كتفيه رسالة نشر السلام الدائم والشامل بما يضمن حقوق الشعب الفلسطيني على أرضه ومقدساته، وتتويجا لما سبق وتقديرا للجهد الفلسطيني في المفاوضات كأسلوب راقٍ و حضاري للحصول على حقوقنا الوطنية وإنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وللدور المشترك في نشر المحبة والسلام بين الشعبين نال كل من رمز ثورتنا الشهيد القائد ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين ونائبه شمعون بيريس جائزة نوبل للسلام.
الرئيس محمود عباس رجل سلام فريد من نوعه، لا يؤمن بالعنف بكافة أشكاله وأنواعه لحل أي مشكلة أو صراع، يؤمن بأن الحوار والمفاوضات من أنجع الطرق وأقصرها بل وأقلها خسائر لطرد الاحتلال، وبأن الاحتجاجات الشعبية السلمية تحقق نتائج أفضل بكثير من المظاهر المسلحة التي تعطي للاحتلال المبرر لاستخدام القوة المفرطة لسحق مقدراتنا، بل وتفقدنا التعاطف الدولي، فحقا نحن محظوظون بهذه القيادة الحكيمة.
في ظل هذه الظروف الإقليمية والدولية الحرجة تجاه قضيتنا، والانقسام البغيض بين شقي وطننا العزيز، أدعو الجميع للوقوف صفا واحدا وداعما خلف قيادتنا السياسية بقيادة الرئيس أبو مازن ليصل بنا إلى بر الأمان بتحقيق أمانينا بإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس.
وأخيرا، يبقى السؤال قائما، ألا يستحق الرئيس محمود عباس بعد كل ما سبق جائزة نوبل للسلام؟!
مقالات أخرى للكاتب