comparemela.com
Home
Live Updates
أخبار الخليج | الــعـــرب والــعـــالــــم فـــي 2040 : comparemela.com
أخبار الخليج | الــعـــرب والــعـــالــــم فـــي 2040
قراءة لأهم تقرير لأجهزة المخابرات الأمريكية
هذا التقرير له أهمية استثنائية بالغة، ومن المفترض أن يكون المسؤولون عن صنع السياسة واتخاذ القرار في البحرين وكل الدول العربية قد قرأوه بتأمل وعناية.
أعني التقرير الذي أصدره قبل فترة مجلس المخابرات الوطني الأمريكي (NIC
) والذي يضم كل أجهزة المخابرات الأمريكية، عن مستقبل العالم في العشرين عاما القادمة ويحمل عنوان «الاتجاهات العالمية 2040».
هذا التقرير له بشكل عام أهمية بالغة منذ بدء إصداره، والتقرير الحالي بالذات يثير عددا كبيرا من القضايا والتوقعات المستقبلية التي يجب علينا في الدول العربية أن ندرسها جيدا ونستخلص منها الدروس في أي محاولة عربية لبناء تصورات للمستقبل.
عن التقرير
تقرير «الاتجاهات العالمية» يصدره مجلس المخابرات الوطني الأمريكي كل أربع سنوات، أي مع كل دورة انتخابات رئاسية أمريكية ومجيء إدارة جديدة ويقدم إلى الرئيس الأمريكي.
الهدف الأساسي للتقرير هو دراسة وتحليل المستقبل المتوقع للعالم ومختلف القضايا والتطورات والصراعات في خلال نحو عشرين عاما قادمة، وطرح مختلف السيناريوهات التي يمكن أن يتطور إليها العالم، كي يستفيد منها صناع السياسة ومتخذي القرار في أمريكا في رسم استراتيجياتهم المستقبلية على أسس موضوعية سليمة.
هناك أسباب كثيرة تعطي لهذا التقرير أهمية بالغة ليس بالنسبة إلى أمريكا فقط، وإنما بالنسبة إلى صناع السياسة في كل دول العالم، في مقدمتها ما يلي:
1 –
أن مجلس المخابرات في إعداده للتقرير يستند إلى أوسع قاعدة ممكنة من المعلومات، وآراء وتقديرات عدد كبير من الخبراء والمختصين في كل المجالات بالإضافة إلى معلومات أجهزة المخابرات.
ويقول التقرير الحالي مثلا في المقدمة إنه تم الاستفادة من الأكاديميين والباحثين من التخصصات المختلفة وأنه تم الاستماع إلى وجهات نظر طائفة واسعة من طلاب المدارس ومنظمات المجتمع المدني في إفريقيا، وقادة الأعمال في آسيا، وباحثين من أوروبا وآسيا، ومجموعات الدفاع عن البيئة في أمريكا الجنوبية... وهكذا.
هذه القاعدة الواسعة من المعلومات والمصادر من شأنها أن تعطي للتقرير قدرا كبيرا من الاحترام والموثوقية.
2 –
أنه يراعى في إعداد التقرير وتحليلاته وتوقعاته أن يكون موضوعيا قدر الإمكان كي يؤدي الغرض المراد منه. بمعنى أن معدي التقرير لا يحرصون مثلا أن يكون ما يطرحه متسقا مع السياسات الأمريكية المعتمدة والمعلنة أم لا. كما لا يحرصون على أن يكون ما يطرحه متسقا حتى مع تقديرات أجهزة المخابرات وافتراضاتها وحدها.
3 - أنه بغض النظر عن تنبؤات وتوقعات التقرير والسيناريوهات التي يضعها للمستقبل، فإنه يتسم بالشمولية في نظرته التحليلية لمستقبل العالم وقضاياه. بمعنى أنه لا يقتصر على الجوانب السياسية وإنما يمتد إلى بحث كل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.. الخ.
هذا يعطي لمن يقرأ التقرير ويهتم به فرصة كي يكون وجهة نظر تأخذ بعين الاعتبار الوضع العالمي في مجمله وفي ترابط قضاياه.
هذا عن أهمية التقرير بشكل عام، فماذا عن التقرير الأخير؟
{
التقرير يتكون من ثلاثة أقسام عامة.
القسم الأول، يناقش القوى الهيكلية في أربعة مجالات هي، التركيبة السكانية، والبيئة، والاقتصاد، والتكنولوجيا على اعتبار أنها المجالات الأساسية في تشكيل المستقبل العالمي.
القسم الثاني، يناقش كيفية تفاعل هذه القوى الهيكلية مع عوامل أخرى للتأثير في الأفراد والمجتمع والدول والنظام الدولي.
في القسم الثالث، يضع التقرير خمسة سيناريوهات مستقبلية للعالم في عام 2040.
من الصعب جدا تقديم عرض أو حتى ملخص واف لكل ما جاء بالتقرير، هذا مع العلم بأن كل ما جاء به مهم ويستحق القراءة الفاحصة.
لهذا سأكتفي بعرض الملامح العامة جدا لمستقبل العالم كما يطرحها التقرير ومن زاوية الجوانب والقضايا التي تهمنا نحن بالأساس في البحرين والدول العربية.
التقرير في أجزائه المختلفة يحدد السمات الأساسية لمستقبل العالم في العشرين عاما القادمة في عدد من الجوانب الكبرى المحورية هي باختصار شديد على النحو التالي:
1 –
أن هناك تحديات عالمية جسيمة ستواجهها كل الدول، وهذه التحديات ستكون في الغالب من دون تدخل بشري. هذه التحديات ستطرح ضغوطا شديدة على المجتمعات وستقود إلى صدمات قد تكون كارثية. يتحدث التقرير هنا عن تحديات مثل، التغير المناخي، والأمراض، والأزمات الاقتصادية، ومشاكل التكنولوجيا.
على سبيل المثال، فوباء كورونا كان سببا في أكبر اضطراب عالمي منذ الحرب العالمية الثانية، وستستمر توابعه الصحية والاقتصادية والسياسية والأمنية سنوات. ومثلا، ستزيد آثار التغير المناخي من سوء أزمات الأمن الغذائي والمائي، والهجرة، والتحديات الصحية، وتراجع التنوع الحيوي في البيئة. أيضا، فإن التقنيات الجديدة ستقود إلى فقدان الوظائف، وفي طبيعة القوة والسلطة، وفي معنى أن تكون إنسانا.
يقول التقرير إن هذه التحديات والأزمات المرتبطة بها ستتطور بطرق ربما يصعب توقعها، لكن المؤكد أنها تغير من مفهوم ومجالات الأمن القومي، بحيث إنه لم يعد مقتصرا على الجوانب العسكرية والأمنية التقليدية وإنما سيمتد إلى جوانب أخرى.
ثانيا: أن دول وشعوب العالم تواجه خطر الانقسام والتفكك.
وحالة الانقسام العالمية المتزايدة هذه سوف تزيد بدورها من صعوبة التعامل مع التحديات. والأمر الذي يمثل مفارقة هنا أن الزيادة المستمرة في الاتصال والتواصل من خلال التكنولوجيا والتجارة وحركة الأفراد، هي نفسها التي تسببت في انقسام وتفكك الدول والشعوب.
ثالثا: أن التحديات التي سيواجهها العالم بتبعاتها وتأثيراتها المختلفة ستكون شديدة الوطأة بحيث تتجاوز قدرة الأنظمة الحالية على معالجتها والتعامل معها، الأمر الذي سيقود إلى واحد من أكبر سمات المستقبل وهو اختلال التوازن على الصعيد العالمي وعلى صعيد الدول والمجتمعات.
على الصعيد العالمي، فإن التحديات اكبر من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية. والنظام العالمي الحالي، بمؤسساته وتحالفاته وقواعده وتقاليده، يفتقر إلى القدرة على مواجهة المشكلات العالمية بكفاءة واقتدار. وأكبر مثال على ذلك حاليا هو جائحة «كورونا» وتأخر وتخبط الاستجابة العالمية في مواجهتها.
أما على صعيد المجتمعات والدول، فسوف تظهر فجوة مستمرة ومتزايدة بين ما تريده وتطالب به الشعوب وما يمكن أن توفره الحكومات، الأمر الذي يمكن أن يقود إلى إضعاف النُّظم والأُطر القديمة، بما يتضمن المؤسسات والعادات والتقاليد وأنظمة الحكم السياسية، وستضطر المجتمعات البشرية لمناقشة نماذج جديدة لكيفية صنع التقدم وبناء الحضارة.
رابعا: وسيقود هذا إلى تصاعد الخلافات والتنازع والصراع داخل المجتمعات والدول والنظام العالمي برمته. سيزداد التوتر والانقسامات والمنافسات، وستصبح السياسة الداخلية في كل دول العالم مُتقلبةً وخلافيَّة، ولن يُستثنى من هذه الظاهرة أي منطقة أو أيديولوجية أو نظام حكم.
خامسا: على ضوء هذا، فإن المعيار الأساسي لقوة الدول ومكانتها سيكون مدى قدرتها على التكيف والتأقلم في قضايا عالمية عامة مثل التغير المناخي والديموغرافي والتكنولوجي والقدرة على توظيف تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي.
وعلى المستوى الداخلي ستكون الدول الأكثر فعالية هي التي تستطيع كسب الثقة والتوافق داخليًّا.
{
تأثيرات كورونا
في سياق التحديات العالمية يتطرق التقرير إلى جائحة «كورونا» وتأثيرها في الاتجاهات العالمية، ويشبهها بهجمات 11 سبتمبر 2001، ويرجِّح التقرير أن تتسبب الجائحة في تغيرات يدوم أثرها سنوات، لتُعيد تشكيل أسلوب حياتنا وعملنا وأنظمة الحكم المحلية والدولية.
في تفصيل ذلك، يقول التقرير إن الجائحة فرضت أولويات كانت موجودة لكن أهميتها تضاعفت وبالأخص الاهتمام بالصحة والنظام الصحي العالمي، وكشفَت ضعف التعاون الدولي في الأزمات الصحية، وعدم جاهزية المؤسسات الموجودة للتحديات الصحية المستقبلية.
كما أن الجائحة أدت إلى إنهاك الاقتصادات النامية بما يرتبط بذلك من تأثيرات اجتماعية عميقة الآن ومستقبلا.
أدت محاولات احتواء الجائح إلى تعزيز النوازع والمشاعر القومية وزيادة الاستقطاب والتحزب في عدة دول.
وزادت الجائحة من أزمات أنظمة الحكم، فمع الضغط ظهرت القدرات الحقيقية للدول، وزادت من تراجع مستويات الثقة بها فأضعفت ثقة العامة في المؤسسات الصحية الرسمية.
وأخيرا، كشفت الجائحة عن حالة الضعف والخلافات السياسية داخل المؤسسات الدولية، مثل منظمة الصحة العالمية، لتُثير تساؤلاتٍ حول رغبة الدول أو قدرتها على التعاون الجماعي في مواجهة التحديات العالمية الأخرى.
هذه هي تأثيرات جائحة كورنا التي يتوقع التقرير أن تستمر سنوات طويلة قادمة.
{
أزمة مجتمعات وحكومات
من أهم الجوانب التي تطرق إليها التقرير في أجزائه المختلفة وتهمنا في الدول العربية تلك التي تتعلق بأزمة المجتمعات ونظم الحكم في مختلف دول العالم خلال العشرين عاما القادمة كما يتوقعها.
يثير التقرير هنا عددا كبيرا من القضايا المحورية.
يتوقع التقرير بداية تفاقم الانقسام المجتمعي في مختلف الدول، وتصاعد الغضب الشعبي على الحكومات.
يذكر هنا أنه في مختلف دول العالم تشعر فئات كبيرة من السكان بالنقمة، وبالخوف والقلق وعدم وضوح المستقبل.
ويذكر أن قطاعات شعبية واسعة في دول العالم لم يعد لديها ثقة كبيرة في الحكومات ويعتبرون أنها إما حكومات فاسدة وإما أنها عديمة الكفاءة.
ومن أهم الجوانب التي يتوقعها التقرير وينبه إليها تصاعد النزعات الطائفية والقبلية والعرقية. يقول «سيتزايد التشرذم والتنافس داخل المجتمعات حول القضايا الاقتصادية والثقافية والسياسية. أما التغيرات الاجتماعية والتكنولوجية السريعة فستجعل قطاعات كبيرة من سكان العالم تعادي المؤسسات والحكومات التي سيرونها غير راغبة أو غير قادرة على تلبية احتياجاتهم. وسينجذب الناس أكثر فأكثر إلى المجموعات والتنظيمات والمؤسسات المألوفة لهم والمتشابهة التفكير مع أفكارهم التقليدية، بما في ذلك القائمة على الهويات العرقية والدينية والثقافية وكذلك تجمعات المصالح والدفاع عن قضايا محددة».
يقول التقرير إن هذه التي يعتبر أنها «هويات عابرة للحدود»، بما تعنيه بالضرورة من إحياء الولاءات الراسخة لدى هذه القوى والجماعات في المجتمعات,
سوف تقود إلى مفاقمة الشروخ والصدوع الداخلية، وسوف تقود إلى إضعاف وتقويض الولاءات الوطنية والقومية المدنية، وتزيد من الاضطرابات والتقلبات والصراعات.
ويتوقع التقرير أن تواجه الحكومات في كل مناطق العالم ضغوطًا متزايدة بسبب القيود الاقتصادية والتحديات التي تواجهها، وفي الوقت نفسه مطالبة الشعوب بالمزيد والضغوط التي ستمارسها لتحقيق مطالبها.
ولهذا، يتوقع التقرير أن تواجه الحكومات والمجتمعات توترات مستمرة والمزيد من التقلبات السياسية، ومن الممكن أن يقود كل هذا إلى أزمات كبرى وتغييرات كبيرة في طريقة الحكم.
{
سيناريوهات المستقبل
التقرير يطرح في قسمه الأخير خمسة سيناريوهات لمستقبل العالم في عام 2040. ويؤكد أن هذه السيناريوهات لا تمثل توقعات أو تنبؤات جازمة، وإنما المقصود بها أن تساعد على توسيع أفق الاحتمالات، وفهم مستقبل ما يمكن أن يشهده العالم بناء على تفاعل القوى والعوامل المختلفة.
والسيناريوهات الخمسة باختصار شديد جدا هي:
1- عالم إعادة بعث الديمقراطيات بقيادة أمريكا.
ويرى التقرير أنه في ظل هذا السيناريو سيتغير الاقتصاد العالمي نحو الأفضل، ويزيد الدخل، وتتحسن نوعية الحياة للملايين حول العالم. وتزيد إمكانية تخطي التحديات العالمية، تخفيف حدة الانقسامات المجتمعية، وسيجدد ثقة الجمهور في المؤسسات الديمقراطية.
2 - عالم فوضوي يسير على غير هدى
النظام الدولي سيكون بلا اتجاه، وفوضويا، ومتقلبا، حيث يتم تجاهل القواعد والمؤسسات الدولية إلى حد كبير من قِبل القوى الكبرى مثل الصين، واللاعبين الإقليميين، والجهات الفاعلة غير الحكومية، وستعاني دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من تباطؤ النمو الاقتصادي، وستتسع الانقسامات المجتمعية، ويعم الشلل السياسي، وستستغل الصين مشكلات الغرب لتوسيع نفوذها الدولي، وخاصة في آسيا، لكن بكين ستفتقر إلى الإرادة والقوة العسكرية لتولي القيادة العالمية.
3 - عالم التعايش التنافسي
ستعطي الولايات المتحدة والصين الأولوية للنمو الاقتصادي واستعادة علاقة تجارية قوية بينهما، لكن هذا الترابط الاقتصادي سيوجد جنباً إلى جنب مع المنافسة على التأثير السياسي، ونموذج الحكم، والهيمنة التكنولوجية، والمصالح الاستراتيجية. ومخاطر نشوب حرب كبرى منخفضة في هذا العالم.
4 - عالم الصوامع المنفصلة
ينقسم العالم إلى تكتلات عدة اقتصادية وأمنية متفاوتة الحجم والقوة، تتمحور حول الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي وروسيا واثنين من القوى الإقليمية. تركز هذه الكتل على الاكتفاء الذاتي والمرونة والدفاع عن مصالحها. أما البلدان النامية الضعيفة فستكون عالقة في منتصف الطريق، وبعضها توشك أن تصبح دولا فاشلة.
5 - عالم المأساة والتعبئة
يقوم تحالف عالمي، بقيادة الاتحاد الأوروبي والصين بالعمل مع المنظمات غير الحكومية والمؤسسات المتعددة الأطراف التي تم تنشيطها، بتنفيذ تغييرات بعيدة المدى تهدف إلى معالجة تغير المناخ واستنفاد الموارد والفقر في أعقاب كارثة غذائية عالمية سببتها الأحداث المناخية والتدهور البيئي. وتتجه البلدان الأكثر ثراءً إلى مساعدة الدول الفقيرة على إدارة الأزمة ثم الانتقال إلى اقتصادات منخفضة الكربون من خلال برامج مساعدات واسعة ونقل تقنيات الطاقة المتقدمة.
{
Related Keywords
,
News Gulf
,
comparemela.com © 2020. All Rights Reserved.