صائد آليات الاحتلال
القسام - خاص :
الشهيد أحمد من منطقة الزنة ببني سهيلا، شرق خان يونس، بلغ من العمر عند استشهاده 26 عامًا، متزوج ورزق بطفلتين بعد استشهاده، وقد ارتقى شهيدًا بتاريخ الثالث والعشرين من شهر يوليو عام 2014م للميلاد أثناء معركة العصف المأكول.
الميلاد والنشأة
ولد الشهيد المجاهد أحمد في المملكة العربية السعودية، وهنا قصة بميلاده حيث رافق ميلاده الانتفاضة الأولى "انتفاضة الحجر"، ولد على يدي طبيب فلسطيني، وعندما رأت عيناه ضوء الدنيا بشَر الطبيب الوالدين بميلاده قائلاً " لقد ولد اليوم أحد أبطال المقاومة" وسماه الطبيب ووالداه أحمد تيمناً بالشيخ المجاهد أحمد ياسين، وحقا خرج بطلاً مجاهداً.
ترعرع شهيدنا بالسعودية حتى بلغ الثامنة عشر من عمره، بعدها عاد مع اسرته الى بني سهيلا شرق خان يونس، أرض الرباط والجهاد ليبدأ حياته الجهادية ومقاومة أعداء الله وكان ذلك في عام 2005 م.
عُرف شهيدنا أحمد منذ طفولته بحب الجهاد والمقاومة، كانت شخصيته قوية، دائما يسأل والده عن فلسطين وعن العدو الغاشم، دائم الإلحاح على والده للذهاب لفلسطين لكي يقاتل أعداء الله اليهود، حفظ شهيدنا القرآن الكريم منذ صغر سنه وأتم حفظه وهو بسن السابعة عشر، كان أحمد يحب الرياضة وكرة القدم كثيراً، كان مواظب على القرآن والمساجد.
واخفض لهما جناح الذل من الرحمة
كان أحمد بارًا بوالديه مطيعًا لهما، فلم يُعرف عنه أنه رفض لهما طلبًا، وكان يساعدهما في أعمال البيت، حيث كان يتميّز ببنية جسدية قوية الأمر الذي أتاح له مساعده أسرته في أعمال البيت التي تحتاج إلى جهد بدني كبير، وقبل استشهاده ترك وراءه شاهدًا علي بره بوالديه، حيث لا يُذكر موقف أو قصة حدثت بالبيت الا وكان أحمد حاضراً فيها، دائما يجلس عند والدته ويتحدث معها .
بشاشة وجه وابتسامة لا تفارقه
كان شهيدنا يمتاز ببشاشة الوجه وبابتسامة دائمة لا تفارق محياه، وكان ضحوك الوجه وإذا دل هذا على شيء فإنما يدل على علامات الرضا، حيث ترك خلفه مواقف وذكريات لازالت تحكى الى اليوم بين والديه وإخوانه وأقاربه، وأصدقائه المجاهدين، ودائما يذكر بالخير.
الإنسان مواقف وذكرى...علاقة الشهيد بإخوانه وأهل بيته
تميّزت علاقة الشهيد أحمد أبوسعادة بإخوانه بالمحبة والتقدير وبالصحبة الحسنة، فكان لا يرفع صوته أمامهم، ولم يعرف عنه أنه شتم أحدًا منهم، بل كان دائم النصح لهم، وحرصًا منه على مصلحتهم كان يذكرهم بأهمية العلم في بناء المواطن الصالح الذي يساهم في رقي المجتمع ورفعته.
لشهيدنا البطل علاقات قوية ومتينة مع جيرانه، وأبرز ما كان يميز هذه العلاقات أنها كانت قائمة على الاحترام المتبادل، ولكبار السن منهم معاملة خاصة فلهم منه كل الود والتقدير، كما عرف عنه إصراره على مساعدة المحتاج منهم.
وعن صلة الرحم فحدث ولا حرج فلم يقطع أحمد رحمه مهما حدث، بل كان يعتبر أنه من الواجب المداومة على صلة الرحم مع الجيران والأقارب لذا فقد كان يهتم ببناء علاقه قوية ووطيدة معهم، وكان يعرف أن من واجبات صلة الرحم إبداء الحب والمساهمة في تقديم الخدمات حسب استطاعته وهذا كان نابعًا من حبه لهم، وقد ظهر هذا جليًا بعد استشهاده حيث ترك وراءه فراغًا كبيرًا، فقد شهد له البعيد قبل القريب والجار والصديق بحسن خلقه وأدبه ومعاملته الحسنة مع الآخرين.
مسجد سلمان الفارسي منشئ الرجال
كانت النشأة الأولى لشهيدنا في مسجد سلمان الفارسي في منطقة الزنة، هذا المسجد الذي كان يمثل الحاضنة الحقيقة للرجال في المنطقة، كيف لا وقد تربى في هذا المسجد وترعرع الكثير من المجاهدين وغيره من أبطال الشرقية، وفيه نشأ شهيدنا أحمد حيث كان حريصًا علي أداء الصلاة في موعدها، ولم يعرف عنه أنه تكاسل عنها ذات مرة، وقد تربى في حلقات القرآن وموائد العلم ومجالس الحكماء والشيوخ الأفاضل بالمسجد، وهناك التحق مع رفاقه وأحبابه في هذا الحي المبارك، وقد أحب هذا المسجد حيث ربطته بشبابه ومسؤوله علاقة محبة وأخوة.
رحلته مع الدراسة والتعليم وعلاقته بزملائه ومعلميه
درس شهيدنا المرحلة الابتدائية والاعدادية في المملكة العربية السعودية، وأتم حفظ القرآن كاملاً، وقد كان طالبًا مميزًا حيث كان يحصل على أعلى الدرجات، وهذا ناتج عن تعلقه بالمدرسة وحبه للعلم، ويشهد على تميزه بذلك معلموه وزملاؤه الطلبة، وما إن انتقل للدراسة في المرحلة الثانوية انتقل شهيدنا وعائلته ليقيم في فلسطين وقطاع غزة حتى كوّن علاقات طيبه مع زملائه ، درس شهيدنا في كلية العلوم والتكنلوجيا تخصص " الصيدلة " وأتمه بتفوق، وكان محبوبًا للجميع، أما في حيه فقد كان شهيدنا أحب أبناء عائلته إلى من حوله لطاعته وأدبه واحترامه للآخرين، وقد ظهر ذلك جليًّا بعد استشهاده حيث شهد له الكثير بالخير خاصة محافظته على الصلاة في المسجد وملازمة مجالس العلم ورفاق الخير.
إتقانه لعمله
بدأ أحمد العمل بصيدليات مختلفة ومن ثم عمل في أحد الجمعيات الطبية ، وبعدها عمل شهيدنا في أحد المحلات لبيع الأدوات المنزلية وأتقن العمل فيها، وبعدها التحق شهيدنا بالعمل المقاوم عمل شهيدنا مدرباً في دائرة الإعداد والتدريب في كتائب الشهيد عز الدين القسام ، فقد عمل في أكثر من مجال، حيث تنوعت الأعمال التي مارسها ما بين التجارة والعمل الطبي وأيضا العمل الجهادي والتدريب، وفي كل المواقع كان يؤدي عمله بإخلاص وإتقان ما أمكنه ذلك، فلا يكاد يمر وقت فراغ إلا ويستغله في عمل يكون له الأثر الطيب ومصلحة لغيره من الناس.
انضمامه للحركة الإسلامية
انضم شهدينا الي صفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس عام 2006 م، حيث كان يشارك في جميع الفعاليات والمهرجانات، وكان شهيدنا من أقمار الكتلة الاسلامية في مرحلة الجامعة، وبايع شهيدنا جماعة الإخوان المسلمين في عام 2007 م وتدرج في الجلسات الإخوانية.
انضم شهيدنا البطل إلى صفوف كتائب عز الدين القسام في عام 2007 م بعد أن تم ترشيحه من قبل الأخوة في الدعوة ، وكان لديه رغبة جارفة في العمل الجهادي وقد كان أكثر الأفراد التزامًا، كرس حياته كلها للعمل في المجال العسكري، حيث قدم العمل في المجال العسكري على عمله في المجال الطبي ليتقن عمله في مجال العسكرية، كان يحب المجاهد القوي الصنديد الذي لا يخشى إلا الله، خَرج الكثير من المجاهدين ، اتسمت حياته الجهادية بالتعب والمشقة حيث كان يتأخر لساعات طويلة خارج المنزل، عندما طلب منه والده أن يريح جسده قليلاً كان أحمد يرد عليه قائلاً " لا خير فينا اذا لم تستهلك هذه الأجساد في الجهاد في سبيل الله" .
نشاطه وحرصه على الرباط
كان الشهيد مثالًا لكافة المجاهدين في السمع والطاعة والالتزام، كما عُرف عنه أنه كان من أكثر الأفراد شجاعة ونشاطًا، ومع بداية انضمامه لكتائب القسام التحق بدورة تنشيطية’، وبعد ذلك التحق بدوره مشاة ليكون أحد أبرز مقاتلي الكتائب و من المتميزين في الميدان، التحق شهيدنا بدورة مغلقة في لواء خان يونس واجتاز الدورة بامتياز رغم اصابته في قدمه، كما تلقى شهيدنا العديد من الدورات في تخصصات مختلفة وأعمال جهادية خاصة، حيث نفذ شهيدنا العديد من هذه العمليات الخاصة، أتقن شهيدنا فن الرماية، وتخصص أحمد بوحدة "مضاد الدروع" وتلقى العديد من الدورات في هذا التخصص وحصل على تقديرات متميزة حتى أتقن العمل على "الأسلحة الموجهة" المضادة للدروع .
كما كان حريصًا كل الحرص على الرباط، إذ لم يتوانَ عنه ولو ليوم واحد، وكان يتميز، بالصفات الأخلاقية الجهادية العالية، تم اختياره ليكون أحد أفراد وحدة الاستشهاديين داخل كتائب القسام عام 2007 م، تم تكليفه بعدها لإمارة مجموعة قسامية، وبعد ما تم تشكيل وحدة النخبة في كتائب القسام تم ترشيحه ليقود مجموعة قسامية في وحدة النخبة ليتقن في جهاده ورباطه، بعد ما رأى اخوانه في قيادة الجهاز من شهيدنا الالتزام والحرص على العمل تم تكليف شهيدنا ليكون مدرباً ضمن دائرة الإعداد والتدريب في كتائب القسام – لواء خان يونس.
خاض شهيدنا الكثير من المعارك مع العدو الصهيوني للحدود الشرقية لمدينة خان يونس، مروراً بالاجتياحات المتوغلة على المناطق الشرقية لخان يونس ومروراً بمعركة الفرقان وحجارة السجيل، وختمها شهيدنا باستشهاده في معركة العصف المأكول عام 2014 م.
موقف للشهيد مع والدته قبل الخروج للمعركة
ساد الصمت ونظرت والدته الى أحمد نظرة المحتار المشتاق لابنها الخائفة عليه من الحرب، كسر شهيدنا هذا الصمت بقبلة لرأس والدته وأتبعها بقبلة على يديها وسلم على إخوانه، وقال "انا ذاهب للشهادة لأنني لن أعود حياً إلا بمعجزة من الله".
خرج شهيدنا للمعركة وكانت زوجته حاملاً بطفلتين توأم وهما بكراه ولم يراهم، تحدث أصدقاء الشهيد بأن أحمد قد قال لهم في صباح يوم استشهاده بأنه قد رأى أطفاله التوأم بالمنام وأنه قد حملهم وقبلهم، وقال لهم بأنه إذا عاد من الحرب أول ما يقوم به هو حمل أطفاله واللعب معهم، ولكن إرادة الله غالبة بأن يستشهد ولم يرهم.
في يوم استشهاده صلى شهيدنا الفجر هو وثلاث من افراد مجموعته الشهداء وهم "حمزة قديح، سليمان زكي الدرديسي، جهاد أبو عامر"، وتحدث معهم عن القتال وقال لهم لا مكان بيننا للفارين من لقاء أعداء الله، وخاض هو وأصدقائه الشهداء اشتباك مسلح، ليلتقوا بالجنة هنالك مع النبيين والشهداء وحسن هنالك رفيقاً.
موعد مع الشهادة
شارك شهيدنا في معركة العصف المأكول في منطقه الفخاري – عبسان الكبيرة - وارتقى شهيدًا هناك، قبل استشهاده خرج شهيدنا لاستهداف أحد الآليات الصهيونية المتوغلة بصاروخ "موجه مضاد للدروع " في تلك المنطقة، وأنهى مهمته وانسحب من المكان وتمركز في منزل آخر، وأثناء المعركة، كان متحصناً في أحد الكمائن ، وفي صباح يوم الأربعاء وبالتحديد مع فجر ليلة السابع والعشرين من رمضان استُهدف شهيدنا بصاروخ من طائرة حربية بدون طيار مما أدى الى استشهاده على الفور، ليرتقي معه ثلاث من أفراد مجموعته، بعد ما قاتلوا أعداء الله وأثخنوا فيهم القتل، وبعد ما قاموا ليلتهم قائمين لربهم مجاهدين صائمين لنهارهم ليرتقي أحمد الى العلا صائمًا.
كرامة للشهيد
كان شهيدنا في مكان صعب ومتقدم كما حال كثير من المجاهدين، ما أن استشهد عجزت الطواقم الطبية من انتشال جسده الطاهر من المكان، ولم تتمكن من انتشاله الا بعد ثلاث أيام على استشهاده، وعندها وجدت عائلته أن جسد أحمد قد بتر لنصفين من منطقة الخصر، قامت عائلته بدفن قسمه العلوي في القبر، وبعد عشرة أيام من دفن جسده العلوي، تلقى أهل الشهيد اتصال من الصليب الأحمر بأن هنالك بقية جسد سفلي للشهيد احمد تم العثور عليه بين أنقاض المنزل المدمر، حظر أهله تسلم الجسد وعندها فوجئ الجميع بأن جسد الشهيد كما هو ولم يتحلل، قام والد الشهيد بالكشف عن ساقي الشهيد وتأكد من جسد ابنه بشامة في أحد ساقيه، عندها شيع مرة أخرى ليأخذ الأجر، قاموا بفتح القبر ليلحق جسده السفلي بجسده العلوي وهنا كانت المفاجئة أن جسد الشهيد كما هو لم يتغير، وعندها قام الناس بالتكبير والتهليل والكرامة الثانية أنه عندما دخل أحد أقارب الشهيد ليضع الجسد الطاهر داخر القبر، وجد حرارة جسده مازالت فيه، نسأل الله أن يسكنه الفردوس الأعلى ونحسبه عن الله شهيداً ولا نزكي على الله أحداً .
الشهداء أحياء عند ربهم...
يموت الإنسان وتظل ذكراه حاضرة، وكيف إذا ارتقى شهيدًا؟ فالشهيد لا يموت كما أخبرنا القرآن الكريم " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون" فمنذ أن استشهد أحمد فإنه لم يفارق والديه في منامهما فقد ترك فراغًا كبيرًا يصعب ملؤه، وأجمل الذكريات كانت وهو يقرأ سورة الكهف بصوت عذب جميل لا مثيل له، كما يذكره أصدقاؤه في المسجد بضحكته المتميزة وبإشراقه وجهه التي تحلق في رحاب مسجد سلمان الفارسي.
لقد أتعبت من خلفك بعد ما قضيت شهيداً، يا زاهداً عفا الدنيا في الخلد رنت الموعد وحببت لقاء الله وتركت الدنيا، لقد بكت عليك العيون، وسهرت القلوب تناجي الله بأن يلحقنا بك هناك في الجنة.