بغداد/ تميم الحسن
نفذت فصائل عراقية عدة هجمات قبل “الرد الامريكي” فجر امس، منها استهداف لقواعد غربية خارج البلاد وقصف في اسرائيل.
وقتلت الغارة الامريكية داخل الاراضي السورية وغربي الانبار، 7 من المسلحين بعد ان استهدفت موقعين لفصيلين معروفين. وجاء الهجوم بعد يومين من “استعراض القوة”- كما وصفه مراقبون- للحشد في ذكرى تأسيسه، حيث دمرت الغارات طائرات مسيرة تابعة للفصائل. ونفذت الفصائل منذ آخر قصف امريكي مشابه على الحدود في شباط الماضي، 9 هجمات ضد المصالح الغربية باكثر من 15 صاروخا وطائرة مسيرة. وقالت مصادر مطلعة في القائم غربي الانبار لـ(المدى) انه “بين الساعة الواحدة والثانية من فجر يوم الاحد سمع صوت تحليق كثيف لطائرات تبعه انفجارات واطلاق نار”.
واعلن الحشد الشعبي، في بيان امس، استهداف ثلاث نقاط مرابطة لقوات الحشد الشعبي (اللواءين 14 و46) بمسافة 13 كم داخل الحدود العراقية في القائم، من قبل الطيران الامريكي.
وبحسب المصادر ان اغلب عناصر الحشد في القائم “فروا من المقرات بعد القصف واختبأوا في مواقع تابعة لحرس الحدود العراقي”. وادانت بغداد في بيان عقب الهجوم بـ12 ساعة، القصف الامريكي، واعتبرته “خرق” للسيادة العراقية، واعلنت عن اجراء تحقيق بالحادث.
وبحسب بيان الحشد، ان “4 شهداء” قتلوا في الهجوم، قالت انهم متواجدون بـ”واجب رسمي” لقوات الحشد الشعبي، نافية اشتراكهم بأي “نشاط ضد التواجد الأجنبي في العراق”.
ووفق المصادر في القائم ان الضحايا الذين سقطوا تابعين لكتائب سيد الشهداء في الاراضي السورية “البو كمال” القريبة من الحدود العراقية، بينما لم تسجل اصابات في مواقع كتائب حزب الله داخل الاراضي العراقية.
ومن بين القتلى آمر سرية لواء 14 (سيد الشهداء) وهو حسين علي عبد الحسين، فيما الغارات كانت قد استهدفت “مخازن صواريخ وطائرات مسيرة”.
مخازن السلاح
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) جون كيربي في بيان امس إنه “بتوجيه من الرئيس (الأميركي جو) بايدن، شنت القوات العسكرية الأميركية في وقت سابق هذا المساء غارات جوية دفاعية دقيقة ضد منشآت تستخدمها ميليشيات مدعومة من إيران في منطقة الحدود العراقية السورية”. وأضاف “بالنظر إلى سلسلة الهجمات المستمرة التي تشنها جماعات مدعومة من إيران، والتي تستهدف المصالح الأميركية في العراق، وجّه الرئيس بمزيد من العمل العسكري لتعطيل وردع هجمات كهذه”. ونفى بيان الحشد ان تكون النقاط التي تم استهدافها تضم مخازن وفق الرواية الامريكية، واعتبر التصريحات الامريكية “تبرير جريمة” لاستهداف مقاتلي الحشد. بالمقابل أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل سبعة مقاتلين عراقيين على الأقل جراء الضربات الأميركية.
كما تحدثت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن عدوان جوي في ريف دير الزور الشرقي أسفر عن مقتل طفل. وتوعدت فصائل تابعة للحشد عقب الغارات، بـ”حرب مفتوحة” مع القوات الامريكية، واستهداف “طائراتهم في السماء”.
حرب غزة
في غضون ذلك قال النائب السابق مثال الالوسي لـ(المدى) ان الغارة الامريكية جاءت “عقب عدة هجمات للمليشيات الولائية ضد مصالح واشنطن في العراق والمنطقة، ومنها ارسال طائرة مسيرة ضد اسرائيل في حربها الاخيرة مع غزة”. وكانت الفصائل قد شنت 9 هجمات منذ الغارة الامريكية مقابل الاخيرة في شباط الماضي التي استهدفت مقرات كتائب حزب الله قرب الحدود السورية.
ونفذت هذه الهجمات بـ11 صاروخ “كاتيوشا”، و6 طائرات مسيرة، على قاعدة عين الاسد في الانبار، قاعدة الحرير في اربيل، ومطار بغداد.
وكانت تقارير غربية قد اتهمت في وقت سابق، الفصائل العراقية بهجوم على منشآت نفطية سعودية عبر طائرات مسيرة انطلقت من الاراضي العراقية.
واعتبر الالوسي، وهو نائب سابق، ان تلك الضربات هي “مناوشات بين واشطن وطهران تسبق الاتفاق الجديد بين الطرفين الذي قال بانه “بات وشيكاً”. واضاف ان تلك الغارات “هي لحفظ ماء الوجه لواشنطن بعد الهجمات المتكررة، وهي لا تحمي البلاد او الانسان العراقي”. وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في وقت سابق من حزيران الحالي، تخصيص مكافأة تصل إلى 3 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن الهجمات ضد المنشآت الدبلوماسية الأميركية في العراق.
قصف سوريا
من جهته قال اثيل النجيفي، القيادي في جبهة الانقاذ والتنمية لـ(المدى) ان “الهجوم جاء بعد ايام من استهداف معسكر الشدادي الذي تتمركز فيه القوات الامريكية في سوريا، بطائرة مسيرة انطلقت من الاراضي العراقية”.
و”الشدادي” يقع في جنوب محافظة الحسكة في سوريا، والتي تبعد نحو 60 كم عن الحدود العراقية.
وكانت القوات العراقية قد عثرت الاسبوع الماضي، على 5 صواريخ في ربيعة غربي نينوى قرب الحدود السورية جاهزة للاطلاق، يعتقد النجيفي انها “موجهة لسوريا ايضا”.
وفي بيان “البنتاغون” أن المنشآت، التي استهدفتها الضربات الأحد، “تستخدمها ميليشيات مدعومة من إيران تشارك في هجمات بطائرات بلا طيار ضد أفراد ومنشآت أميركية في العراق”. ويعتقد النجيفي ان الولايات المتحدة تريد “اضعاف الفصائل” تمهيدا لانسحاب واشنطن من العراق، وتركه لطهران. وكانت واشنطن قد خفضت العام الماضي، قواتها المنتشرة في العراق بمقدار النصف (ما يقرب من 2500 جندي)، وعللت ذلك بمقدرة القوات العراقية على تأمين البلاد. ويتابع النجيفي: “هذه الضربات لتأمين ظهر القوات الامريكية المنسحبة حتى لاتتعرض لهجمات او تخفف منها على اقل تقدير”.
وتدير حكومتا بغداد وواشنطن، منذ العام الماضي، جلسات حوار مشتركة لانهاء التواجد الامريكي في البلاد، فيما تتوعد الفصائل بزيادة الهجمات على تلك القوات. لكن علي البيدر وهو باحث في الشأن الامني والسياسي، يقلل من خطورة تهديدات الفصائل او الرد على الغارة الامريكية، على الرغم من “استعراض القوة” الذي جرى قبل الغارة بيوم واحد.
ويقول البيدر في اتصال مع (المدى) ان الفصائل “فقدت التأييد الشعبي والسياسي وهي ضعيفة الآن وغير قادرة على الرد وتخشى ردا اعنف من واشنطن”.
وكانت منصات اعلامية تابعة لفصائل الحشد قد ذكرت ان فصائل سيد الشهداء قد اعلنت عقب الهجوم “النفير العام” ضد القوات الامريكة.
وربط البيدر بين غارات الاحد واستعراض الحشد الذي جرى السبت الماضي في ديالى، وعرض خلاله الحشد عدة صواريخ ومدرعات وطائرات مسيرة.
وتابع الباحث في الشأن الامني: “الترسانة التي ظهرت في الاستعراض كانت مقلقة للقوات الامريكية وللحكومة العراقية”، متوقعا ان تكون الغارة الاخيرة ردا على ماظهر في الاستعراض.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط