عنصرية فرنسية ترجع بالتاريخ
الأربعاء، 28 يوليو 2021 01:16 ص بتوقيت غرينتش
في تسابق لحالة من الإسلاموفوبيا في فرنسا، أقر البرلمان
الفرنسي قانون "الانفصالية". ومن اللافت والمثير أنه تم تعريفه بقانون
"مكافحة الإسلام الانفصالي"، ليتضح من التعريف أنه قانون موجه ومتعمد ضد
الحالة الدينية للمسلمين فقط دون غيرهم. ومن اللافت أيضا أنه تمت الموافقة على
القانون بأغلبية 49 صوتا مقابل معارضة 19 كما نشرت نيويورك تايمز.
وعدد سكان فرنسا 65 مليونا، وعدد المسلمين حوالي ستة ملايين،
وهم ثاني ديانة في فرنسا، ومع ذلك يتم تعمد تفصيل قوانين ضدهم بشكل خاص، رغم فرنسا
دولة لا دينية، وهي ليست علمانية كما يتم ترويج ذلك عند العرب بمعنى فصل الدين عن
الدولة أو العلم (الكلمة في الإنجليزية Secularite أو Lauque بالفرنسية. وهذه الكلمة
حسب أصلها في اللاتينية لا علاقة لها بلفظ العلم ومشتقاته)، ولكن دستورها ينص في
مادته الثانية على أنها "جمهورية لا دينية، لكنها تحترم كل الأديان"،
فأين احترام الدين الإسلامي في هذا القانون الذي يطفح بالعنصرية؟
وبموجب القانون الجديد، تصل عقوبة من يدان بجريمة
"الانفصالية" إلى السجن خمس سنوات، وغرامات تصل إلى 75 ألف يورو (88 ألف
دولار)، ويشمل ذلك رفض النساء الخضوع للفحص الطبي من قبل طبيب، ويمكن إغلاق مسجد
لمدة شهرين إذا كانت الخطبة لا تناسب الدولة. وأعطت الوزيرة مارلين شيابا مثالا
على هذه النقطة حين سئلت: "جريمة رفض الخطباء في خطبهم أن الحب والزواج بين
الرجلين جائز، وأن الحب والزواج بين امرأتين هو جائز كما تقول قوانين الجمهورية
الفرنسية".
وقد تم عزل إمام مسجد ومقاضاته لترحيله لأنه قرأ الآية من
سورة الأحزاب "وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى". ومن
أمثلة ذلك تطبيق القانون في العداء لمقدسات المسلمين في المدارس ما قاله وزير
الداخلية مثالًا على هذه النقطة: "إذا قال أحد الوالدين للمعلم: أنا لا أريدك
أن تُظهر الرسوم الكاريكاتورية للنبي صلى الله عليه وسلم لطفلي، فهذه جريمة".
القانون كل بنوده موجهة ضد المسلمين خاصة. والسؤال هل قام
المسلمون بمحاربة فرنسا وقتلوا منهم مليونا كما حدث في الجزائر؟ أو قام المسلمون
باستعمار 35 في المئة من الأراضي الفرنسية كما فعلت فرنسا في أفريقيا؟ أم قاموا بمذبحة
كما حدث في رواندا؟ أو قام المسلمون بنهب خيرات فرنسا ومواردها كما فعلت فرنسا
بالمستعمرات؟ أم قام المسلمون بفتح متحف ووضعوا فيه جماجم الفرنسيين؟
لم يحدث هذا من المسلمين، بل إن السلطان سليمان القانوني
قام بإنقاذ فرنسا من أطماع من حولها خاصة الملك كارلوس الخامس، وعقد تحالفا مع
فرنسا استمر قرنين ونصف حتى نقضته فرنسا بالحملة على مصر. الواقع أن المسلمين لم
يحاربوا الفرنسيين كي تعلنها فرنسا حربا بطرق مختلفة.. فرنسا التي تتحدث بشعارات
جوفاء حول حقوق الإنسان والحرية تدعم حكم المستبدين في الدول العربية، وتقف ضد
حرية الشعوب الإسلامية في ليبيا ومصر وتونس ومالي، وتفتخر باحتلالها لبلاد المسلمين،
وترفض مجرد الاعتراف اللفظي بجرائمها.. تعيش في القرن الواحد والعشرين بعقلية
القرون الوسطى وأيديولوجية الحروب الصليبية.
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي
"عربي21"