بغداد: محمد اسماعيل
تصوير: نهاد العزاوي
احتفاء بالذكرى الخامسة والثمانين لعيد تأسيس إذاعة جمهوريَّة العراق من بغداد، في الاول من تموز أقامت شبكة الإعلام العراقي، حفلا على قاعة غرناطة في فندق المنصور ميليا مساء، بحضور رئيس مجلس الأمناء الدكتور جعفر ونان، ورئيس الشبكة الدكتور نبيل جاسم، وأعضاء المجلس، بينما اكتظت القاعة بمنتسبي شبكة الإعلام العراقي والمهنئين بالمناسبة.
استهل كارناس علي، إدارة الحفل باللازمة الشهيرة التي رددها عبد الستار فوزي، في بواكير بث الإذاعة منذ يومها الأول: «هنا بغداد.. دار الإذاعة العراقيَّة» وعرض فيلم يوثق تاريخ إذاعة بغداد منذ التأسيس يوم 1 تموز 1936 ولغاية الآن، في مقاطع تتخلل فقرات الحفل، قائلاً: «جمال الإلقاء يتكامل مع حسن الإصغاء للإذاعة التي توجه أجيالاً وتخاطب عقولاً.. تمكن الراديو من الاستمرار والتأثير منذ بدء أول بث وحتى حلول عصر التكنولوجيا الرقميَّة، ما زال الراديو أكثر الوسائل جذباً للمتلقين في العالم، نجتمع اليوم بعيد تأسيس أول إذاعة في الشرق الأوسط وثاني إذاعة بين الدول العربيَّة».
وقال د. نبيل جاسم رئيس شبكة الإعلام العراقي: «نوقد اليوم خمساً وثمانين شمعة من عمر إذاعة جمهورية العراق، تلك التي تطلق سحراً يمتدُّ مع عمر الدولة العراقيَّة.. إلا قليلاً»، وأضاف: «كانت صوت البلد، خمسة وثمانون عاماً وما زالت شابة.. مرَّتْ بها أسماءٌ إعلاميَّة وثقافيَّة مهمة وجلس خلف مايكروفوناتها أشخاصٌ يشكلون جزءاً أساساً من تاريخ العراق».
ووصف د. جاسم إذاعة بغداد: بأنها «شجرة ثمارها ذهب، لا تكتفي بالصوت إنما ترسم الصورة على صفحة الذاكرة»، وتابع «نحن مسؤولون عن إدامة هذا الوهج المتألق بجهود من الزملاء الرواد والشباب، وهج تخطى ثمانية عقود وما زال مضيئاً وسيستمر شعاعاً وضاءً في الأثير».
مدرسة وطن
من جانبه أشار الدكتور علاء الحطاب، في كلمة هيئة الأمناء، الى أنَّ «الحديث عن إذاعة وهي تدخل عامها الخامس والثمانين.. عظيمٌ وعسيرٌ»، وأوضح: «الكلمات لن توفي حق جهود العاملين ودورهم الفاعل في ترصين أداء شبكة الإعلام العراقي ومفاصلها واحداً واحداً».
وبين الحطاب: «لا نحتفي بمجرد مؤسسة، إنما بتاريخ صب مجريات أحداثه في أصوات مذيعيها؛ لأنَّ إذاعة جمهوريَّة العراق عاصرت الأحداث المتعاقبة في البلاد.. حضرتها وتعاطت معها بمهنيَّة، حتى كانت البوابة النهائيَّة لنجاح أو فشل أية فعالية.. إنها مدرسة الوطن الإعلاميَّة، تخرجت فيها أجيال؛ لأنَّ اسمها مصداق لرسوخ تجربة أي إعلامي، لوحدها سيرة ذاتيَّة لأي إعلامي لا ينفذ إليها إلا من يستطيع تحقيق هذا الإبداع».
شاكرا الرواد والأجيال التالية عليهم في إذاعة بغداد: «الى ما لا نهاية».
وأكد ان: «دور الإذاعة لم ينته بفعل التطور التكنولوجي الذي جعل العالم في قبضة اليد، إنما نجحت في المواكبة وبهذا انتقلت إذاعة بغداد الى الهواتف النقالة، التي كشفت قوة حضور وتأثير الإذاعة».
لافتاً الى دعم أمناء ورئاسة الشبكة للإذاعة: «بما يحقق دوام إبداعها وتذليل العقبات التي يمكن أنْ تعترض سبيلها».
تهنئة الثقافة
من جانبه وجه وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور حسن ناظم برقية تهنئة إلى إذاعة جمهورية العراق بمناسبة ذكرى تأسيسها الخامسة والثمانين وجاء في البرقية: «يسرني أنْ أزجي أسمى آيات التهاني والتبريكات لإذاعتنا العريقة بمناسبة عيد تأسيسها».
وأضاف: «لقد كان انطلاق إذاعة بغداد يوم الأربعاء الموافق الأول من تموز سنة 1963 حدثاً استثنائياً فريداً شكل إضافةً نوعيةً مهمةً في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية العراقية، وكانت الإذاعة تستقطب اهتمام شرائح المجتمع كافة».
تحيةً إلى جميع العاملين في هذه الإذاعة، ونتمنى أنْ يواصلوا مسيرتهم المهنيَّة بما عهد عنهم من إخلاص وتفانٍ وحب للوطن».
رواد وشباب
توالى تكريم رواد إذاعة بغداد والشباب الحيوي الوارث لعطائهم، من بين المكرمين تحدث لـ «الصباح» الإذاعي الرائد عبد الأمير البياتي: «إذاعة جمهورية العراق احتفلت اليوم بالعيد الخامس والثمانين لتأسيسها»، مفيداً «كانت وما زالت إذاعتنا نبراساً أضاء سماء الإعلام العراقي والعربي وكان صوتها يملأ الأثير فتحيَّة كبيرة لإذاعة جمهوريَّة العراق الأم الرائدة.. وشرفٌ لي أنني عملت فيها مذيعاً ومديراً»، متمنياً لها «التطور والإبداع».
حملت الإعلاميَّة سميرة جياد: «باقة ورد بحجم العراق أنثرها على العاملين في إذاعة جمهوريَّة العراق ومستمعيها، مهنئة بمناسبة الذكرى الخامسة والثمانين على تأسيسها»، متمنية دوام التألق والتطور والنجاح: «كل عام والجميع بألف خير».
راقب الإعلامي كريم حمادي، عمل إذاعة جمهوريَّة العراق سنين طويلة: «وكان لي شرف العمل فيها، إنها مدرسة مهنيَّة تعلم الموهوب كيف يبلور مشروعه احترافياً»، منوهاً «بالرغم من تقادم السنين والتطورات التقنيَّة الصارخة، ما زالت إذاعة جمهوريَّة العراق تحظى باهتمامٍ كبيرٍ من قبل المستمعين كافة»، مباركاً لإذاعتنا هذا العيد: «وكل عام وهي بخير».
واشار الإذاعي هاشم شندي الى ان«هذا التكريم هو تكريم لكل العاملين في الإذاعة، إذاعة جمهورية العراق»، مرجحاً: «إذاعة جمهوريَّة العراق لا تشيخ.. شابة في الخامسة والثمانين من عمرها المديد، تفوقت على عناصر التواصل الاجتماعي، وضمتها لصالحها.. تطورت بها»، مباركاً: «ألف تهنئة للإعلام العراقي، عبر تاريخه العميق ولشبكة الإعلام العراقي ولملاك إذاعة جمهوريَّة العراق».
التمثيلية الاولى
وفي السياق قال رئيس قسم الدراما الإذاعية أحمد محمد عبد المحسن، لوكالة الانباء العراقية (واع): إنَّ «تمثيلية (وحيدة) هي الأولى في تاريخ الدراما العراقيَّة وقدمت باللهجة المحكية، في محاولة فريدة رائدة من العزاوي، أصبحت منطلقاً لتقديم تمثيليتين.. أسبوعيا، تتراوح بين خمس عشرة وثلاثين دقيقة»، مشيراً الى أنَّ «عبد الله العزاوي عمل مع الجيل الثاني من معدي ومؤلفي ومخرجي تمثيليات ومن بينهم زكي توفيق ورؤوف توفيق وأكرم جبران الذين طوعوا التراث والواقع المحليين والأدب العربي والعالمي إذاعياً».
وأضاف أنَّ «أي تمثيلية كانت تسجل باسم العزاوي حتى تلك التي يخرجها المخرج يعقوب الأمين أو شكري العقيدي أو عبد الجبار عباس، لحين إنشاء قسم التمثيليات والبرامج النظامية في العام 1952 برئاسة عبد الله العزاوي، الذي أنيط به إنتاج عملين في الأسبوع من قبل فرقة الإذاعة والتلفزيون والتي لا يحق الاستعانة بسواها من ممثلين من خارج دار الإذاعة».
وتابع رئيس قسم الدراما الإذاعية أنَّ «المخرجين والممثلين كانوا يرتبطون إدارياً بمديرية الدعاية العامة، أما فنيو الاستوديو فموظفون في مديرية البرق والبريد»، مؤكداً أنَّ «العهد الجمهوري فتح الباب للفرق المسرحيَّة بتقديم تمثيليات إذاعيَّة، مثل فرقة الزبانية و14 تموز وسواهما، والتمرين والتدريب على العمل يجهد الممثلين طويلاً؛ لبدائيَّة الأجهزة التي كانت تعدُّ متقدمة حينها».
واختتم عبد المحسن بقوله: إنَّ «ريادة الدراما الإذاعية انتهت بالجيل الثالث من المخرجين، مهند الانصاري وصادق علي شاهين وعبد المرسل الزيدي وزهير عباس وانور عباس.. رحمهم الله ود. عبد القادر الدليمي».
يذكر ان إذاعة بغداد هي ثاني محطة اذاعية سُمِع صوتها في الوطن العربي بعد إذاعة القاهرة حيث افتتحت رسميا بتاريخ 1 تموز 1936، وكانت تُسمّى في أواخر الأربعينيات محطة بغداد للإذاعة اللاسلكية.
مهنئون حاضرون
حضرت حفل العيد الخامس والثمانين لإذاعة جمهورية العراق من شبكة الإعلام العراقي، شخصيات رسميَّة وثقافيَّة، شدد من بينهم النائب السابق رئيس مكتب الثقافة التركمانيَّة الشاعر فوزي أكرم ترزي على أنَّ «عيد إذاعة بغداد، منجز وطني يدل على أنَّ التاريخ حاضرٌ متجددٌ في الراهن والمستقبل».
كما عدَّ الفنان سامي قفطان تكريم إذاعة جمهورية العراق «تكريماً لكل إعلامي وفنان ومثقف؛ لأنها أحد ثوابت التاريخ العراقي الحديث».
ومضى الفنان الدكتور حسين علي هارف: «نصغي الى إذاعة جمهوريَّة العراق صغارنا وكبارنا متشبعين بتوجيهاتها التي رسمت شخصياتنا الفنيَّة، فمبارك للثقافة العراقيَّة وللإنسان الرافديني وريث الحضارات، هذا المنجز العظيم الذي نصطلح عليه: هنا بغداد.. دار الإذاعة العراقيَّة».
مستقبل أكيد
تضافرت آراء الإعلاميين، مجمعة على أنَّ شبكة الإعلام العراقي بمفاصلها كافة، ومن بينها إذاعة جمهورية العراق من بغداد، تستشف المستقبل بأداء مهني راسخ ورصين.. وقال أمين سر نقابة الصحفيين العراقيين الزميل
د. ناظم الربيعي: «وسط اكتظاظ الأثير ببث تلفزيوني وإذاعي ذي إنفاق هائل ومكرسة له مبالغ تمويلية مهولة، حققت إذاعة جمهورية العراق من شبكة الإعلام العراقي، حضوراً فاعلاً ومؤثراً لمسناه من خلال استقطابها جمهوراً مقبلاً على التواصل مع تفاصيل بثها، من دون انقطاع».
وأعلن أنَّ «لبرامج إذاعة جمهورية العراق ونشراتها الإخبارية جمهور مستمعين يتابعونها عن كثب بانتظار انتقائي.. يختارها من بين عشرات الإذاعات الاخرى؛ وذلك لثقته بأنَّ الرأي الوطني المصيب يصدر من الإعلام الحكومي المخلص للدولة شعباً وأرضاً وسيادة».
الى ذلك ذكرت الأستاذة في كلية الإعلام د. شكرية السرج، أنها واحدة من جيل إعلامي جمع المهنية الإجرائيَّة في الأداء الصحفي، الى جانب التحصيل العلمي بالدراسة الأكاديميَّة، مستخلصة أنَّ «إذاعة جمهورية العراق من بغداد التابعة لشبكة الإعلام العراقي، تعدُّ واحة تاريخيَّة آتية من عمق التاريخ الحديث للعراق، ولدت من رحم مخاضات المرحلة الثلاثينيَّة المتوثبة في سبيل تأسيس دولة عراقية ذات ثقافة مثلى، كانت ولا تزال إذاعة بغداد، واحدة من مثاباتها التي أسهمت في بلورة شخصياتنا الإعلاميَّة.. كما أسلفت.. مهنياً وأكاديمياً». مكملة «نفيد في عملنا الجامعي من عطاء إذاعات وتلفزيونات وصحف شبكة الاعلام العراقي، كوسائل إيضاح رصينة لتلقينهم المهنة وتحقيق تشبع في ملكاتهم الإعلامية؛ لما نجده كأكاديميين من مستوى مهني تتحلى به الشبكة بكل مؤسساتها ومن بينهن إذاعة جمهورية العراق ذات التاريخ الضارب في عمق إيجابي مشرف نتباهى به حتى في المؤتمرات الجامعية التخصصية العالمية، باعتبار إذاعة بغداد أول إذاعة في الشرق الاوسط والثانية بين الدول العربية».
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط