حجم الخط
لندن- “القدس العربي”: علّقت صحيفة “أوبزيرفر” على استقالة وزير الصحة البريطاني، مات هانكوك، بعد فضيحة تقبيله مساعدته جينا كولادانجيلو، مشيرة إلى أن العلاقات العاطفية هي شأن شخصي، لكن شخصا مثل هانكوك وفي منصب عام ووسط أزمة وباء متصاعدة بسبب انتشار السلالة الهندية (دلتا) تجعل من أي تصرف يقوم به خطرا على الرأي العام.
وقالت الصحيفة إن ثقافة الإفلات من العقاب مستشرية داخل حزب المحافظين الحاكم، حيث يتم تقديم الولاء الأعمى على النزاهة والكفاءة. وذكّرت بنفاق الحكومة ورئيسها بوريس جونسون الذي كتب قبل عامين التعاليم التي تحكم تصرف الوزراء: “يجب ألا يكون هناك تضارب ظاهر في المصالح. ويجب الالتزام في كل الأوقات بالمبادئ الثمينة للعمل العام وهي: النزاهة والموضوعية والمحاسبة والشفافية والصدق والقيادة من أجل الصالح العام”.
وقالت “أوبزيرفر” إن هانكوك هو آخر مسؤول يستقيل بعد تلاعبه وقلة احترامه للمبادئ هذه. وتضيف أن العلاقات الخاصة لوزير الصحة هي شأن يتعلق به، ولكنه جعل من علاقته الغرامية مع صديقة سابقة ومستشارة ومديرة في وزارة الصحة تحصل على راتب، شأنا عاما.
في البداية، اعترف الوزير أنه قام بخرق القيود المفروضة بسبب كوفيد-19 المسؤول عن تطبيقها. ولدى المواطنين الذين لم يستطيعوا عناق أحبابهم ولم يكونوا قادرين على حضور جنازاتهم وقضوا أشهرا بدون فرصة لرؤية أطفالهم الذي ولدوا حديثا المبرر والشعور بالغضب على وزير خرق القواعد ومضى في علاقة غرامية. في وقت قال هانكوك إن على مسؤولين في مناصب ليست عالية، الاستقالة لو خرقوا التنظيمات المتعلقة بكوفيد. ونفاق كهذا يقوّض ثقة الرأي العام بتعامل الحكومة مع الصحة العامة وقت الوباء. وكان هذان سببان واضحان لتقديم استقالته فورا.
كما تكشف العلاقة عدم نزاهته، فقد عيّن أولاً كولادانجيلو كـ”مستشارة بدون أجر” وهو دور بتأثير ضخم ولكن بدون شفافية. كما أنها مناصب لا تخضع للتعاليم التي تحكم عمل الوزراء، ولا سلطة للبرلمان عليها. ثم عيّنها هانكوك بمنصب مدفوع الأجر، كمديرة غير تنفيذية في وزارة الصحة. وكان هذا الدور يقضي بمتابعة طرق اتخاذ القرارات، ولأن حزب المحافظين هو الذي استحدثه قبل عقد فقد بات مليئا بالأصدقاء والداعمين والمتبرعين.
والسؤال الذي يحوم فوق رأس هانكوك: هل كان على علاقة غرامية مع كولادانجيلو قبل تعيينها بمنصب غير مدفوع الأجر أولا ثم براتب؟ وهل كشف عن هذا لتجنب تضارب المصالح وإن لم يفعل، فلماذا؟
وكُشف عن أن شقيق كلاندانجيلو يعمل مديرا لشركة حصلت على عدد من العقود من وزارة الصحة. وفشل هانكوك في الكشف عن ملكيته نسبة 15% في شركة تعتبر من الشركات التي تقوم بإمداد قطاع الصحة الوطنية في ويلز وتديرها شقيقته. ووجد مكتب المحاسبة الوطني أن العلاقات الشخصية في الوزارات تسهل بنسبة عشر مرات قنوات لشراء أجهزة الحماية الشخصية الضرورية في مكافحة انتشار فيروس كورونا.
ويعتبر هانكوك مسؤولا عن وفاة الكثيرين في الوباء بسبب تأخيره الإغلاق الأول، مع أن تعلم من أخطائه للضغط باتجاه الإغلاق الثاني على خلاف جونسون ووزير الخزانة ريشي سوناك. كما أشرف على السياسة الكارثية في بيوت الرعاية بداية الوباء.
وبسبب نقص أدوات الفحص والحماية الشخصية، تحولت بيوت الرعاية إلى مركز للوباء، وفقد آلاف من المقيمين فيها حياتهم. وتعتقد الصحيفة أنه كان غير قابل على الاستمرار في عمله بسبب عدم كفاءته وتقويضه للرد الحكومي الطارئ وتجاوزه التعليمات وخرقه للتعاليم الوزارية.
لكن استقالة هانكوك لن تحل مشكلة النزاهة في الحكومة. فرئيس الوزراء نفسه مزّق قانون الشرف السياسي، وكذب على الرأي العام عندما رأى أن هذا في مصلحته. ومثل هانكوك رفض الاعتراف بمصالحه الشخصية وعلاقته مع سيدة الأعمال جينفر أكوري التي حصلت شركتها على آلاف الجنيهات بلدية لندن عندما كان عمدتها، وكذا تعيينه أما لواحد من أولاده مستشارة.
ويتحمل مسؤولية أكبر عن حصيلة الموتى في الوباء أكثر من هانكوك. وسمح لوزراء آخرين بالكشف عن تجاوزهم قانون العمل الوزاري مثل وزيرة الداخلية بريتي باتل البقاء في مناصبهم. وتقول الصحيفة إن فضيحة هانكوك تذهب أبعد من تصرف وزير الصحة، بل تكشف عن ثقافة عفنة للإفلات من العقاب، حيث يتم التأكيد على الولاء الأعمى بدلا من الكفاءة والنزاهة والصدق.
وهناك عدد كبير من العاملين في الحكومة ممن يعتبرون أنفسهم فوق القواعد التي تطبق على الرأي العام. وينظرون إلى المنصب الحكومي كطريقة للمكاسب المالية، ولا يحترمون المواطنين العاديين الذين يلتزمون بالقواعد. ومع أن هانكوك لم يكن قادرا على الاستمرار في منصبه بسبب الفضيحة، إلا أن استقالته لن تغير الصفة الشخصية للحكومة طالما ظل جونسون رئيسا للوزراء.