أسرار التفوق الدراسي للأبناء
شارك
اكتسب كتاب “دليل الآباء لتفوق الأبناء” أهمية خاصة؛ لأنه يحتوي على إجابات لعدد لا بأس به من التساؤلات التي تؤرق الوالدين فيما يخص تعليم وتفوق أبنائهم. فالكتاب يؤكد لنا مع كل دراسة أو تجربة ناجحة يسردها أن مفتاح النجاح الدراسي بيد الوالدين، فتفوق الأبناء وتميزهم دراسيًا ليس مستحيلاً إذا أدرك الوالدان أن للنجاح المدرسي “عادات” يمكن اكتسابها بغض النظر عن مستوى المدرسة ومستوى المدرسين.
النجاح.. عادة
في المقدمة يأخذنا الكاتبان: جاك ينج بلود وزوجته مارشا إلى مدارس ما وراء البحار ـ إلى الهند؛ ليقصا علينا تجربة “كيفين” ذلك التلميذ الذي فشل في ترجمة ذكائه إلى نجاح مدرسي، فقد أدرك والداه أن المدارس لا تكافئ سوى أنواع خاصة من الذكاء، مما قد يؤدي إلى الإحباط وتقويض الثقة بالنفس، فعمدا إلى تعليمه كيفية تحديد الأوقات للقيام بواجباته المدرسية، وكيف يصبر ويثابر ويبذل كل طاقة لديه. نجح الوالدان نجاحًا باهرًا، فقد تفوق “كيفين” وحقق في الجامعة أعلى الدرجات، حتى صار مطلوبًا كمهندس ومقاول مبانٍ، حتى قبل تخرجه.
وما قام به والدا “كيفين” يسمى الاستغراق أو المشاركة الإيجابية التي تعتبر بحق مفتاح النجاح، ليس الدراسي فحسب، بل النجاح في الحياة بصورة عامة، ويؤكد لنا الكاتب أنه لا يهم إن كان الوالدان من العاملين أو لا، أو إن كانت مدرسة الابن /الابنة من المدارس الذائعة الصيت أم من المدارس الحكومية المتواضعة، فعن طريق المشاركة الإيجابية، وعن طريق التزام وتكريس الوقت والطاقة عبر فترة طويلة نسبيًّا، سيكسب الابن عادات النجاح المدرسي: المثابرة والعمل الجاد، والتحديد الجيد للأوقات والأولويات، والقدرة على مواجهة المواقف الصعبة دونما ارتباك، وأهم من هذا وذاك: الثقة بالنفس.
الاستغراق الإيجابي
أما الفصل الأول؛ فيشرح فيه الكاتبان حقيقة علمية، توصلت لها الدراسات في الخمس عشرة سنة الماضية: الاستغراق، ومشاركة الوالدين الإيجابية لابنهما لها أكبر التأثير عليه، بخاصة على نجاحه المدرسي، ويسبقان في الأهمية المدرسين ومستوى المدرسة. فالرسالة إذًا واضحة؛ إن كنت ترغب في أن يمضي ابنك بطريقة جيدة في المدرسة فعليك بالاستغراق والمشاركة، بمعنى أن تمنحه الوقت الكافي كل يوم، وعليك العناية والاهتمام بواجباته الدراسية.
من بين تلك الدراسات، دراسة عن عشر عائلات أمريكية سوداء بشيكاغو، من سكان الأحياء الفقيرة متشابهة في معظم النواحي اجتماعيًّا واقتصاديًّا، إلا أن خمسًا من هذه العائلات كان لديها أطفال ضمن أفضل 20% في فصلهم الدراسي، بينما كان أطفال العائلات الخمس الأخرى ضمن أسوأ 20% في الفصل. لقد كان الفرق بين المتفوقين وغير المتفوقين هو ما أداه الوالدان مع أطفالهم، وهو ما لخصه الوالدان في النقاط التالية:
1- التحدث باستمرار مع أطفالهم.
2- التشجيع القوي لمتابعة الأداء الدراسي.
3- إقامة حدود واضحة داخل البيت.
4- خلق بيئة محفزة ومساعدة داخل البيت.
5- متابعة طريق قضاء الأطفال لأوقاتهم وتوجيههم.
وبالتالي، جاءت النتائج؛ لتؤكد أن كافة العائلات مهما كان دخلها أو مستواها التعليمي والمادي والاجتماعي تستطيع أن تتخذ خطوات محددة وواضحة من شأنها أن تساعد الأطفال على التعلم بصورة متميزة.
تعلم المشي.. نموذج يُحتذى
إلا أن السبب الرئيسي لعدم استغراق ومشاركة الوالدين لأبنائهم هو عدم معرفتهما مدى أهمية ذلك لنجاح الطفل في التعليم، فبدلاً من الاستغراق والمشاركة الإيجابية يقوم معظم الآباء بإضاعة الوقت في أعمال لا طائل منها مثل: تعنيف الأطفال، أو أداء الواجب بدلاً منهم، أو الضغط عليهم لكي يحصلوا على الدرجات المرتفعة بأي ثمن، ودفعهم إلى الشعور بالذنب، بل وعقابهم لحصولهم على الدرجات المنخفضة، وهذا أول شيء علينا ألا نقوم به.
ثم ينقلنا الكاتبان إلى الخطوة الثانية؛ ألا وهي “إحياء نموذج مشاركتنا لأطفالنا حينما كانوا يتعلمون المشي”. وببساطة في الأسلوب، وبحجة علمية مقنعة للجميع يسأل الكاتبان القارئ: “هل يمكن لك أن تتصور أن تُوقف طفلاً ثم تقول له: امشِ! وعندما يقع تقوم برفعه من على الأرض وتضربه وتقول له: لقد طلبت منك أن تمشي. كلا إنك توقف الطفل إلا أنه يترنح قليلاً في اليوم الأول، فتتملكك الإثارة وتصيح: لقد وقفت لقد وقفت! ثم نقوم بمعانقته وتقبيله أيضًا! وهكذا يومًا بعد يوم، حتى يدرك الصغير أن الأمر يشكل صفقة جيدة، فيبدأ بتحريك رجله أكثر وأكثر، وإن كان يواصل التعثر إلى أن يتمكن من المشي في النهاية”.
وبتذكر هذه المواقف، سوف ندرك أن العديد من الأشياء التي يقوم بها الوالدان مفيدة ومؤثرة وصحيحة بمفردات نظرية “التلقين والتعليم”.
وعلى ذلك يكون المفهوم الكامل الذي على الوالدين أن يتبنياه هو تشجيع الطفل على القيام بالمجهود بصورة متكررة ومعادة، ويمكن لهذا الأمر أن يتم بطرق متعددة ومتنوعة:
1- أن يُظهر الوالدان الاهتمام والحماس لجهود أطفالهم.
2 – إظهار الإثارة والإعجاب تجاه أدنى تقدم يحرزه الطفل.
3- تشجيع كافة الجهود المعادة والمتكررة، وتجاهل كافة المحاولات غير الموفقة أو الفاشلة.
ولو قام الوالدان بتشجيع أطفالهم على هذا النحو، فإنهم بذلك يمارسون عنصرين أساسين، معروفين في علم النفس التربوي :