آخر الدواء… الفتاوى! .. العراقيون يواجهون دلتا بلا كمامة ولا لقاح
كما في الأزمات الكبيرة ومع تفشي إصابات “كورونا”، تركن الدولة والجهات الصحية في العراق إلى المؤسسات الدينية كملاذ أخير لحث المواطنين على الالتزام بالإجراءات الوقائية وأخذ اللقاح المضاد لـ”كورونا” والحذر من مخاطر الفايروس والدعوة إلى الأخذ بالأسباب الوقائية.
ترقد الطفلة زينب أحمد في أحد مستشفيات بغداد إثر إصابتها بفايروس “كورونا” بعد 12 يوماً فقط من ولادتها، لتكون أول إصابة يسجلها العراق لطفلة بهذا العمر.
تعاني زينب من أعراض شديدة جراء إصابتها بالفايروس المتحور وترقد في إحدى ردهات العناية الخاصة في أحد مستشفيات الرصافة في العاصمة بغداد، وتخضع لإشراف أطباء متخصصين في طب الأطفال والأمراض التنفسية، ولم تؤكد الجهات الصحية سبب إصابة الطفلة، سواء أكانت عدوى في المستشفى أو من أبويها المصابين بـ”كورونا” أيضاً.
وعلى رغم من أن حالة الطفلة فريدة في العراق، إلا أنها ليست الوحيدة مع دخول البلاد الموجة الوبائية الثالثة لـ”كورونا”، والتي تسببت في ضغط شديد على المستشفيات ومراكز علاج الوباء التي اكتظت بالمرضى، بعد تشخيص إصابات وارتفاع الوفيات التي تقول عنها وزارة الصحة إن أعدادها غير مسبوقة.
ومع الانتشار السريع والعدوى الشديدة لم تخف الجهات الرسمية قلقها من خطورة “انفجار وبائي”، بسبب ما خلفه المتحور “دلتا” الذي ظهر للمرة الأولى في الهند في كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي.
وتقول وزارة الصحة إن معدل الإصابات اليومية وصل إلى حوالى 10 آلاف إصابة وإن “الشباب والأطفال هم أكثر الفئات المستهدفة في الموجة الجديدة”، مرجعة الأمر إلى “عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي وكذلك تجاهل الوزارات والمؤسسات الحكومية لتوصيات اللجنة العليا للسلامة الوطنية التي تحث على ارتداء الكمامة والتزام مسافة التباعد”.
لكن عضوة الفريق الإعلامي لوزارة الصحة العراقية ربى فلاح تقول إن “الوباء لم يخرج عن السيطرة في العراق حتى الآن”، وإن “لكل منظومة صحية قدرة استيعابية محدودة وأعداد المصابين تتضاعف في كل يوم، ما ينذر بكارثة صحية”.
وتضيف فلاح أن “المستشفيات ممتلئة حالياً بالحالات الحرجة نتيجة الإصابات بالسلالة الجديدة التي تعد الأخطر من السلالات السابقة، بسبب سرعة الانتشار وما خلفته من ضحايا”.
وتعزو عضوة الفريق الإعلامي ارتفاع عدد الإصابات إلى جملة أسباب، منها: “تهاون المواطنين مع الإجراءات الوقائية وعدم أخذ اللقاح”، مؤكدة أن “العراق في معركة حقيقية مع السلالة الجديدة لكورونا، والسلاحان الوحيدان المتاحان للمواجهة هما اللقاح والكمامة التي باتت شبه معدومة في المدن”.
استهانة بالإجراءات الوقائية
وبحسب جولات ومشاهدات إعلامية في بغداد وبعض المدن، فإن هناك استهانةً وتجاهلاً بالإجراءات الوقائية، إذ تندر رؤية عراقيين يضعون كمامات في الشوارع والمراكز التجارية، بل يواصل معظمهم ممارسة أنشطتهم الاجتماعية وإقامة المناسبات والتجمعات، مثل مجالس العزاء والولائم الجماعية من دون التزام بالإجراءات الوقائية، مثل ارتداء الكمامة والتباعد وتعقيم اليدين.
ووجدت السلالة الجديدة ثغرة كبيرة في ظل عدم التزام العراقيين بالإجراءات الوقائية، ويقول خبراء الصحة إن متحور “دلتا” يتنقل بسهولة وسرعة فائقة في تلك التجمعات ما يسبب إصابات حرجة وخطرة بين فئة الشباب والأطفال، ما زاد الضغط على المؤسسات الصحية.
6% من العراقيين فقط ملقّحون
ترتفع الإصابات في ظلّ ارتياب عراقيين كثر من عمليات التلقيح والتدابير الصحية، وهو ما يثير خشية أطباء من “كارثة وبائية”، إذ تشير الإحصاءات الرسمية التي حصل عليها إعلاميون إلى أن عدد الأشخاص الذين تلقوا اللقاح بلغ ما يقارب مليوناً وربع المليون من أصل 24 مليوناً من المشمولين بالتطعيم أي بنسبة 6 في المئة، من مجموع تعداد سكان العراق البالغ 40 مليون نسمة.
ويشكك كثر في جدوى اللقاح المضاد لفايروس “كورونا”، ويخشون الأعراض الجانبية التي قد تترتب عليه، وتقول وزارة الصحة إنها تعاني من حملة تضليل وشائعات ساهمت في فقدان الثقة حتى بين الكوادر الطبية باللقاح.
بطاقات تلقيح مزورة!
يبدو أن الفساد لم يوفر القطاع الصحي في مواجهة “كورونا”، فإلى جانب الحرائق التي طاولت مستشفيات ومراكز عزل مخصصة لمكافحة المرض، ما أدى إلى مقتل أكثر من 160 مريضاً حرقاً، يبدو أن اللقاحات تشهد تزويراً لبطاقات التلقيح من قبل موظفين في وزارة الصحة، يتقاضون مبلغاً يصل إلى 200 دولار أميركي لقاء بطاقة تلقيح مزورة. هذه المعطيات كشفها المدير العام لصحة بغداد- الكرخ جاسب لطيف الحجامي في منشور على “فايسبوك”: “منذ الأيام الأولى لانطلاق حملة التلقيح للوقاية من كورونا رافقتها عمليات دفع رشى وتزوير لغرض الحصول على بطاقة التلقيح التي تسجّل أن هذا الشخص تلقى اللقاح من دون أن يتلقاه فعلاً، والآن هناك بطاقات مزورة يصل سعرها إلى 200 دولار للبطاقة الواحدة يدفعها الشخص الواحد لغرض الحصول عليها”.
وتحاول السلطات الصحية مواجهة البطاقات المزورة بإصدار أخرى إلكترونية تعتمد البيانات الحقيقية المسجلة في دوائر الصحة، فيما توجه نداءات متواصلة تحث المواطنين على “عدم الخروج من المنازل إلا للضرورة القصوى حفاظاً على صحتهم وسلامتهم، ولأجل عودة الحياة إلى طبيعتها”.
آخر الدواء… الفتاوى
كما في الأزمات الكبيرة ومع تفشي إصابات “كورونا”، تركن الدولة والجهات الصحية في العراق إلى المؤسسات الدينية كملاذ أخير لحث المواطنين على الالتزام بالإجراءات الوقائية وأخذ اللقاح المضاد لـ”كورونا” والحذر من مخاطر الفايروس والدعوة إلى الأخذ بالأسباب الوقائية. فيما كانت جهات دينية لعبت دوراً سلبياً في بداية الأزمة، عبر بث شائعات تربط بين “كورونا” والمثلية الجنسية، وغيرها من نظريات المؤامرة.
عن موقع “درج”
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط