محمد شديد*
2021-06-29 00:13:00
بلا شك أن العالم ما بعد الأزمة الحالية لن يكون تمامًا كما كان عليه وكذلك في المجال التكنولوجي، فيروس صغير الحجم ولا يرى بالعين المجردة، غير ملامح العالم وأيضًا سيغير ملامح التكنولوجيا بصورة ملحوظة، حيث سنلاحظ شركات تغلق وأخرى تغير طبيعة عملها، كما شهدنا مراكز تعليم تخلت عن معلميها وأخرى تتحول لتكون إلكترونية افتراضية بصورة كاملة، وسيكون لجميع الشركات والمؤسسات خياران وهما إما أن تستخدم التكنولوجيا في جميع أنشطتها ومجالها أو سيكون مصيرها الزوال.
كل هذا التحول في مجال استخدام التكنولوجيا وتوظيفها في شتى مجالات الحياة سيكون مع ثورة إطلاق شبكة الجيلين الخامس والسادس وهذه هي الأجيال القادمة للاتصالات، هذه التقنيات التي ستتيح اتصالات فائقة السرعة والتي تعتبر أقوى بحوالي ألف مرة من حيث تدفق البيانات، وأسرع بعشرة أضعاف مقارنة بالأجيال السابقة، ولن تكون مجرد شبكة إنترنت فائقة السرعة للهواتف النقالة بل تكنولوجيا ستدعم الجيل التالي من البنية التحتية لتحويل مدن العالم إلى مدن ذكية ستشمل مستوى جديدا لا يقتصر على الأجهزة المحمولة فقط، والتي من المتوقع أن تدعم بشكل كبير قطاع الطب والجراحة الطبية عن بعد والاتصال الكثيف من آلة إلى آلة (الأتمتة الصناعية) أو إنترنت الأشياء (IOT)، والسيارات ذاتية القيادة والحوسبة السحابية بحيث تكون خدماتها سريعة الوصول وعالية الموثوقية، حيث إن عامل الوقت والسرعة وزمن الوصول والاستجابة يعتبر الحاسم لهذه القطاعات.
منذ اختراع الهاتف في نهايات القرن الثامن عشر، سعى الإنسان إلى تطوير وسائل الاتصالات ونقل المعلومات لما يمثل ذلك من مصادر أساسية ورئيسية للمعرفة والتقدم، حيث شهد هذا التطور مراحل مختلفة، ولكن المرحلة الحاسمة والفارقة كانت في مطلع ثمانينيات القرن الماضي عندما نجحت اليابان في تطوير وتشغيل نظام الجيل الأول من الاتصالات باستخدام موجات الراديو العادية والأنالوغ.
حسب تقارير ودراسات تفيد بأن استخدام الجوال من قبل المستخدمين متزايد ومستمر، الأمر الذي أوجد تركيزا عاليا وكبيرا في استخدامه، وأشارت هذه الدراسات إلى أن نسبة المراسلات التي تتم بواسطة البريد الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي مثل (فيسبوك) و (واتساب) و (تيليغرام) و (فايبر) وغيرها من التطبيقات هي الأكثر استخداماً على مستوى العالم، بحيث إن (واتساب) يتصدر القائمة بنسبة 60%، إذ تجاوز عدد مستخدمي هذا التطبيق 1.3 مليار مستخدم حسب الدراسة التي أجريت في العام 2017.
تعرف عملية إعادة بناء وفهم وتقييم الأحداث العشوائية التي قد تكون حدثت في وقت سابق أو زمن ماض باسم التحليل أو التحقيق الجنائي (الطب الشرعي الرقمي)، يهدف هذا العلم إلى تقديم إجابات وأدلة لقضايا إلكترونية أو جرائم إلكترونية أو أفعال غير شرعية وغير قانونية، بحيث تقوم بتفصيل ما فعله المستخدم أثناء جريمته أو فعله بحيث تعطي تقريراً مفصلاً وشاملاً وكاملاً عن الأنشطة والأحداث والمكالمات والرسائل وغيرها (حتى وإن كانت محذوفة) فكل ذلك يتم استرداده سواء كانت البيانات مفقودة أو تالفة أو مدمرة.
يعد تطبيق (WhatsApp) للرسائل الفورية من أكثر التطبيقات استخدامًا حول العالم، حيث يضم أكثر من مليار مستخدم. تم إنشاء التطبيق في عام 2009، ومن ثم قامت شركة فيسبوك بشراء التطبيق مقابل 19 مليار دولار في شباط/فبراير 2014. وفي المقابل، يعد نظام أندرويد الذي طوره غوغل أحد أكثر أنظمة التشغيل نجاحًا وشهرة في عالم الهواتف المحمولة حول العالم، وبسبب الشعبية الكبيرة للهواتف الذكية التي تعمل بنظام (Android) والخدمات التي تقدمها مثل المراسلة الفورية، خاصة تطبيق WhatsApp، حيث اعتاد الأشخاص والمستخدمون على المراسلة الفورية في حياتهم بشكل يومي وفي العديد من الأنشطة.
يمكن تعريف الطب الشرعي الرقمي بأنه استخدام تطبيقي وعملي لطرق موثوقة ومثبتة، ويتم ذلك بعدة طرق، أهمها الجمع والتحقق والتعرف والتحليل والتفسير، ومن ثم الأدلة الرقمية التي تم استخدامها والتي تم الوصول إليها والتي تم اشتقاقها من الرقمية، تساعد في توضيح الإجراءات والتفاصيل والأحداث والنشاطات التي تمت بصورة مفصلة.
كما أن الطب الشرعي للأجهزة المحمولة يُعرَّف بأنه علم الأدلة الرقمية التي يُحتمل الحصول عليها من الأجهزة المحمولة باستخدام تقنيات مشابهة لتحقيقات الطب الشرعي الرقمي باختلاف طرازات الأجهزة المحمولة وباعتماد كامل على مكان التخزين حيث إن بعض الطرازات تقوم بتخزين بياناتها وقواعد البيانات الخاصة بها على هاتف والأخرى تقوم بالتخزين على البطاقات الخارجية ومن الممكن أن تكون الذاكرة لهذه الأجهزة متقلبة أو غير متقلبة.
أما بخصوص التقنيات المستخدمة في اكتساب بيانات الجهاز المحمول فيجب أن تتضمن الحصول على بيانات الطب الرقمي من الأجهزة المحمولة وعادة ما يتم استخدام إحدى التقنيتين الرئيسيتين، وهما الاكتساب المنطقي والاكتساب المادي.
مع هذا التطور السريع والكبير في أنظمة الاتصالات وأنظمة تناقل البيانات وازدياد الطلب عليه واستخدامه بشكل كبير جداً رافقته مجموعة من المحاذير الكبيرة والقيود في استخدامه، حيث إن المستخدمين قد لا يكونون على معرفة أو دراية وليس لديهم أي معرفة بإجراءات الأمان والحماية والخصوصية سواء للشبكات أو للتطبيقات التي يستخدمونها على هواتفهم الشخصية، وقد يعتقد المستخدم أن كلمة المرور الخاصة بالجهاز أو التطبيق تشكل جدار حماية لملفات المعلومات الشخصية وغيرها، ومن المعلوم أن بعضا أو جزءا من التطبيقات تحتفظ بمعلومات خاصة على الأجهزة بطريقة قد لا تكون متوقعة أو مرئية ولا يعلم بها المستخدم ولا تظهر على جهازه ولا يمكن أن تخطر في ذهن المستخدم.
وفي النهاية يعتقد مستخدمو هذه التطبيقات والبرمجيات التي تستخدم بكل سهولة وبكل بساطة ويسر، أنه بمجرد حذف الرسائل أو الصور أو غيرها تكون قد حذفت بصورة نهائية ولا يمكن إعادتها أو استرجاعها وقد لا يعلم الكثيرون أن هذه التطبيقات قد تترك آثاراً خلفها، وفي حقيقة الأمر أنها تترك خلفها آثارا كبيرة بحيث يمكن استرجاعها بكل سهولة.
------------